انطلق، أمس، الاجتماع الوزاري لدول الميدان بنيامي بالنيجر، حيث يرأس الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية السيد عبد القادر مساهل الوفد الجزائري خلال أشغال هذا الاجتماع الذي سيتناول الوضع الراهن في المنطقة على الصعيد الأمني، لاسيما مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للأوطان على ضوء اجتماعات وحدة الدمج والربط ولجنة قيادة الأركان العملياتية المشتركة. كما يتضمن جدول أعمال هذا الاجتماع أيضا الوضع السائد في مالي وآخر المستجدات في هذا البلد. مما يعطي هذا الاجتماع أهمية كبيرة بالنظر إلى أنه يتزامن مع التطورات التي تشهدها المنطقة جراء هذه الازمة وانعكاساتها على دولها. ولا يستبعد أن يحدد الاجتماع الإجراءات التي يجب اتخاذها لاحتواء الأزمة التي أصبحت تتطور يوميا بشكل خطير إلى منحى قد يزج بالمنطقة برمتها في عدم الاستقرار. كما يراهن مراقبون على أن تسفر توصياته عن إعادة الوضع الدستوري لدولة مالي على الأقل للوصول إلى إنشاء حكومة توافق تضم كل أطياف المجتمع، من اجل، على الأقل، اتخاذ القرارات المناسبة التي قد تكون إما حلا سياسيا تفاوضيا في هذه المنطقة او حلولا أخرى التي لا تحبذها الجزائر وهي التدخل العسكري الذي قد تكون له عواقب وخيمة على المنطقة. وترتكز مقاربة الجزائر من اجل تسوية النزاع في هذه المنطقة على حل سياسي يتكفل بالسلامة الترابية لهذا البلد عن طريق تشجيع الحوار بين الاطراف المالية والحكومة المركزية لباماكو وهو ما تؤيده بلدان الميدان ومجلس الامن الدولي . وإذ ترى الجزائر أن الوضع في شمال مالي ليس جديدا، فانها تؤكد أن هناك من الماليين من لهم مطالب مشروعة من خلال المشاركة في حياة البلاد لاسيما المتمردين التوارق وكذا العرب والسكان الآخرين في ظل عدم المساس بالوحدة الترابية. في حين نجد في المقابل الإرهاب والجريمة المنظمة، التي يجب محاربتها. وهي الرؤية التي يشاطرها فيها الاتحاد الافريقي والذي يرى أن المنطق السائد حاليا يفرض اللجوء إلى كل الوسائل السلمية لحل الأزمة في مالي. وأن اللجوء إلى استعمال القوة بمالي لن يكون له تأثير إيجابي على تطور الأوضاع بهذا البلد. ونوه الاتحاد في هذا الصدد بالجهود التي ما فتئت تبذلها الجزائر وبوساطة بوركينا فاسو لصالح المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، من منطلق أن الأمر يتعلق بالعمل على التفريق بين الحركة الوطنية لتحرير الأزواد والمطالب الانفصالية وفصل جماعة أنصار الدين الإرهابية عن الجماعة الإرهابية المعروفة بتسمية "تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي". كما ان موقف الجزائر ينبني على ضرورة أن تتقبل الجماعات المالية منطق المصالحة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية، ومن ثم ستكون هناك إمكانية الاعتماد على اتفاقات أبرمت سابقا كالعقد الوطني واتفاقات الجزائر لمباشرة عملية البناء. وبامكان هذا المسعى فتح آفاق جديدة بمالي كبلد ديمقراطي يكون فيه كل السكان متساوين في الحقوق والواجبات. وعليه فقد اعلنت الجزائر رفضها للتدخل العسكري كون ذلك ستكون له انعكاسات سلبية على الحالة الامنية بالمنطقة كما ان ذلك يندرج ضمن مسار المواقف الثابتة والصريحة المتخذة في أعلى مستوى للسلطة السياسية، في وقت تدعو فيه إلى تنسيق جهود دول الميدان لمكافحة النشاطات الارهابية والجريمة المنظمة". وفي هذا الاتجاه، ذهبت المنظمة غير الحكومية اتترناشيونال كريزيس غروب لبروكسل في تقريرها الاخير اول امس الى التاكيد بان تدخلا عسكريا خارجيا في مالي ينطوي على "مخاطر معتبرة"، داعية المجموعة الدولية الى تغليب الحوار للحفاظ على حظوظ الخروج من الازمة السياسية" في هذا البلد. كما ان الاتحاد الاوروبي قد سبق ان دعم موقف الجزائر ومساعيها بخصوص الوضع في منطقة الساحل والبحث عن حل للأزمة التي تعصف بمالي منذ شهور إلى جانب تطابق وجهات النظر بين الجانبين حول خطر الإرهاب والجريمة المنظمة بالمنطقة. وتتمسك الجزائر بأن يكون الحل افريقيا في تسوية نزاع مالي مثلما تفضل تعميم هذا الحل على بقية النزاعات في القارة، انطلاقا من ان توحد إفريقيا واتخاذها مواقف توافقية من شأنه ان يحظى بدعم المجموعة الدولية، علما أن نصف اللوائح التي أصدرها مجلس الأمن سنة 2012 بخصوص إفريقيا والتي بلغ عددها 12 لائحة تضم نصوصا نابعة من الاتحاد الإفريقي سواء تعلق الأمر بالسودان ومالي والصومال أو بالتعاون الاستراتيجي بين الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي.