أقر الأخضر الإبراهيمي الوسيط الدولي الجديد المشترك في الأزمة السورية، أمس، بصعوبة المهمة الملقاة على عاتقه في احتواء وضع دام في سوريا مستمر منذ حوالي العام ونصف وتجاوزت حصيلة ضحاياه 25 ألف قتيل. وقال الإبراهيمي، الذي سبق له وقاد مهمات وساطة في أزمات دولية مستعصية، إنه واع ب "ثقل وحجم" المسؤولية الملقاة على عاتقه بسبب الصعوبات التي تواجهه، خاصة ما تعلق منها بتصادم مواقف الأطراف المباشرة وغير المباشرة حول سبل احتواء هذه الأزمة، وأضاف "أنا آت إلى هذا المنصب وعيناي مفتوحتان ودون أوهام وعلى علم بمدى صعوبته"، وهو ما جعله يدعو أعضاء مجلس الأمن الدولي إلى إبداء تأييد جماعي له في مهمته من أجل وضع حد لأعمال العنف التي تشهدها سوريا وحماية أرواح المدنيين. والمؤكد أن الدبلوماسي الجزائري المعروف بحنكته على الصعيد الدولي طالب بدعم أعضاء مجلس الأمن الدولي من أجل تفادي الوقوع في نفس أخطاء سابقه كوفي عنان، أو بمعنى أصح فالإبراهيمي يدرك جيدا أن سبب فشل سابقه راجع بالدرجة الأولى إلى تصادم مواقف أطراف المجموعة الدولية، مما انعكس ذلك سلبا على أداء عنان واضطره ذلك في الأخير إلى رمي المنشفة وإعلان فشله. وأي نجاح أو حتى تقدم في مهمة الوسيط الجديد يتطلب أولا تأييدا جماعيا من قبل أعضاء مجلس الأمن الدولي يجد طريقه إلى أرض الواقع وليس فقط مجرد دعم تمليه بيانات أو تصريحات من هذا المسؤول الغربي وذاك. في هذا السياق، أكد الإبراهيمي أنه يدرك تمام الإدراك الانقسامات الموجودة في صفوف أعضاء المجلس، وقال "سأعمل معهم ونأمل في أن يتغير الوضع"، كما أكد على "ضرورة أن يترجم التأييد الذي عبر له عنه أعضاء مجلس الأمن الدولي فرادى إلى تأييد جماعي". ثم إن الإبراهيمي ومنذ اليوم الأول من تعيينه وسيطا دوليا للأمم المتحدة والجامعة العربية في الأزمة السورية لم يخف مخاوفه من مهمة ما فتئ يؤكد في كل تصريح على صعوبتها نظرا لتعقيدات الأزمة السورية التي أخذت أبعاد دولية وطغت لغة الرصاص فيها على كل المساعي السلمية الرامية لاحتوائها. ووسط إقراره بصعوبة المهمة، أكد المبعوث الدولي أن "الحاجة إلى تغيير سياسي في سوريا هي أساسية وملحة"، مشيرا -في الوقت نفسه- إلى أن "التغيير لا يمكن أن يكون تجميليا وسيكون هناك نظام جديد... ولكن لا أعرف الناس الذين سيكونون فيه وهذا سيقرره السوريون". كما اعتبر الإبراهيمي أن الأمور بخصوص الأزمة السورية ستكون أكثر وضوحا بعد اللقاءات التي سيجريها مع السلطات السورية ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال الأيام القليلة المقبلة. وأعلن عن اتصالات مع وزير الخارجية الروسي، الذي من المقرر أن يجتمع معه قبل انعقاد الدورة المقبلة للجمعية العامة للأمم المتحدة المقررة في ال 24 سبتمبر الجاري. ومن المقرر أن يقوم الدبلوماسي الجزائري بزيارة إلى دمشق السبت المقبل يلتقي خلالها الرئيس السوري بشار الأسد. ويستلم الإبراهيمي مهامه في وقت تأججت فيه الأزمة في سوريا مع تصاعد أعمال العنف التي تحصد يوميا مزيدا من الأرواح، فقد أعلنت لجان التنسيق المحلية المعارضة في سوريا مقتل 105 شخص، أمس، في مختلف أنحاء البلاد، مشيرة إلى أن معظم القتلى سقطوا في حلب وريف دمشق ودير الزور. وكان ناشطون سوريون قد أفادوا، أمس، بإعدام 16 شخصا على يد القوات النظامية في حي القابون بالعاصمة دمشق. يذكر أن الأممالمتحدة أعلنت قبل يومين أن عدد ضحايا أعمال العنف من السوريين سجل رقما قياسيا خلال الأسبوع الماضي، حيث وصلت الحصيلة إلى 1600 قتيل من بينهم العديد من الأطفال. ووفق المنظمة الأممية، فإن عدد قتلى أحداث العنف التي تشهدها سوريا بلغ ما يقارب 5 آلاف قتيل خلال أوت الماضي.