يرى الخبراء والمحللون السياسيون أن ما يجري في سوريا مخاض لولادة نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، وأن نظام القطب الواحد آيل إلى الأفول، ولا يعني ذلك أن النفوذ الأمريكي قد يزول، بل قد ينكمش إلا أنه سيبقى مؤثرا في الساحة الدولية. فالأزمة السورية خدمت روسيا، ومكنتها من استعادة نفوذها كقوة عالمية لها رأي مخالف للسياسة التي تسوقها أمريكا ومن يدور في فلكها من الدول الغربية وبعض الدول العربية، مستندة في ذلك إلى القانون الدولي ومبادئ ميثاق الأممالمتحدة، التي تنص على احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية. ومن جهة أخرى، وجدت في الصين التي برزت كقوة سياسية حليفا لها، فالخبراء يرون أن الصين ظلت لسنوات طويلة تعتمد على قوتها الإقتصادية والعسكرية إلا أنها في الجانب السياسي كانت لينة، ولم تظهر كقوة سياسية إلا في الأشهر الأخيرة، حين استخدمت حق الفيتو لأول مرة في وجه المؤامرة العالمية التي تحاك ضد سوريا كما وصفها بشار الجعفري ممثل سوريا الدائم في الأممالمتحدة، وأكدها وزير الإعلام السوري عمران الزغبي في الندوة الصحفية الأخيرة التي عقدها بدمشق. كما أن لإيران دورا متصاعدا كقوة عسكرية واقتصادية إقليمية رغم الحصار المفروض عليها من قبل أمريكا وحلفائها. هذه الأقطاب الثلاثة تعمل حاليا على إعادة التوازن للنظام الدولي، وكسر الهيمنة الغربية التي تعمل على تكريس عودة الاستعمار واستغلال ثروات الدول وتغليب مصالحها على مصالح الشعوب الضعيفة، واتخذت من الديمقراطية وحقوق الأنسان والأقليات مطية لها، لاستعباد الشعوب فاحتلت أفغانستان والعراق وتدخلت عسكريا في صربيا وليبيا. واليوم، تعمل جاهدة لتكسير وهدم الدولة السورية، إلا أن بروز هذه الأقطاب سالفة الذكر غلب جانب الحوار على التدخل العسكري الأجنبي للإطاحة بالنظام السوري كما حدث في ليبيا، وأعطى مؤشرات بأن عهد الأحادية قد بدأ في الأفول، وفسح المجال لبروز أقطاب جديدة ستساهم في تشكيل نظام عالمي جديد.