عادت في الآونة الأخيرة من جديد ظاهرة تداول خطابات مجهولة الهوية تدعو كل من يقرأها توزيعها على 25 شخصا مقابل نيل شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم! واعتمد الخطاب الذي استخدم عنصر الدين على أساليب ترهيبية تعد كل من يعزف عن توزيع عدة نسخ منه بالحزن الشديد بل والموت بعد تسعة أيام إذا تم التعامل بإهمال وإزدراء!! وبالمقابل يبشر الخطاب بالفرح بعد أربع ساعات وانفتاح أبواب الرزق ونيل المكافآت والوظائف السامية بالنسبة لمن يعمل على توزيعها! وهذا أمر اعتدناه سابقا لكن الجديد في الظاهرة أن أصحاب الخطاب المجهول أقاموا هذه المرة الحجة بالتطرق الى قضية الصحافي الدانماركي الذي أساء للرسول صلى الله عليه وسلم عن طريق الرسومات الكاريكاتورية مشيرين الى أنه احترق وهو واقف، بسبب هذه الاساءة رابطين هذا المصير بمصير من يتجاهل الرسالة. وورد في نص الخطاب شهادات أشخاص إدعوا أنهم شاهدوا في المنام مايدعو الى نشر خبر الخطاب، والذي مفاده أن إماما خطيبا من المملكة السعودية يدعى "أحمد" نام بعد أن ختم القرآن في يوم الجمعة فرأى الرسول صلى الله عليه وسلم يقول له: "في هذا اليوم مات من الدنيا 6000 مسلم ولم يدخل أحد منهم الجنة.. فالزوجات لا يطعن أزواجهن والأغنياء لا يساعدون الفقراء والناس لا يؤدون المناسك المطلوبة منهم.. والمسلمون لا يؤدون الصلوات بانتظام كل على حدة". ووجه الخطاب المجهول رسالة تدعو الى المسارعة لنيل شفاعة الرسول (صلعم) والمكافآت من خلال توزيع نسخ منها، وهي في نفس الوقت تهدد بزوال نعمة الخير في حال عدم توزيعها... وبناء عليه يروي نص الخطاب قصة سكرتيرة فتحت أمامها أبواب الرزق مباشرة بعد توزيع 30 نسخة من الرسالة.. وكذا قضية شخص فصل من العمل لأنه نسيها في درج مكتبه إلا أنه سرعان ما تحصل على وظيفة أعلى من السابقة بعد أن تذكرها وطبع منها 30 نسخة! في حين أن شخصا آخر توفي بعد تسعة أيام لأنه رماها!! الملفت للانتباه بخصوص هذه الظاهرة القديمة هو أنها انتشرت هذه المرة بسرعة قياسية بين مختلف فئات المجتمع بفضل وسائل الاتصال الحديثة مثل رسائل الهاتف النقال القصيرة والبريد الالكتروني بعد ما كانت في عشريات خلت ترسل عن طريق البريد. هذا الانتشار السريع زعزع إيمان العديد من الأشخاص الذين سارعوا الى تنفيذ أمر طبع نسخ منها وتوزيعها على 25 شخصا خوفا من العقاب المزعوم، رغم أن رجال الدين حرموا في عدة مناسبات تداول مثل هذه الرسائل المشبوهة التي لا تمت للدين بأي صلة، باعتبار أن كل أمور الرزق، الموت والحياة في يد خالق السماوات والأرض. وعلى خلاف من زرعت فيهم الرسالة بذور الخوف من الحزن والموت، استنكر العديد من المواطنين المستجوبين هذه الظاهرة التي تروج لأغراض مشبوهة تحت غطاء الدين... كما تساءل البعض: "هل نؤمن نحن كمسلمين بالقضاء والقدر أم أننا نسلم أقدارنا لأضغاث أحلام؟!... فلو كان الخطاب يتعلق بعالم جليل لصدقناه حتما، إلا أنه لا يمكن أن نؤمن برسائل مصدرها إمام مجهول الهوية يرهب الناس بالتهديدات"، تقول إحدى المواطنات. يبقى الأكيد أن تذكير المؤمنين بمناسك عقيدتهم ليس مشروطا بالمقابل.. فعلى أي أساس يطلب مروجو هذا الخطاب توزيع رسالة المنام المدعى على 25 شخصا.. ولماذا استمرت خيرات الرحمن الرحيم في التهاطل على أناس لم يهضموا فكرة نشر رسالة محشوة بمعاني الترهيب؟!! كما أن السؤال المطروح هو لماذا عادت مثل هذه الرسائل للظهور في هذا الوقت بالذات بعد أن اعتقدنا أنها كانت "موضة" قديمة واختفت؟.