يستمر بعض الشباب في نسخ وتوزيع الأوراق التي يذكر كاتبها رؤيته الرسول صلى الله عليه وسلم'' في المنام، يوصيه بفعل أشياء وينهاه عن أخرى. فيقومون بدورهم بدعوة الشباب المسلم إلى إعادة نسخ هذه الأوراق وتوزيعها على غيرهم مع ترغيبهم في فضائل هذا العمل وتحذيرهم من مغبة الاستهزاء به مما قد يكلف صاحبه الكثير. يوزع أشخاص مجهولون في الشوارع الجزائرية أوراقا ظاهرها ديني وباطنها لا يعلم حقيقته والواقفون وراء ترويجه. تحمل هذه الأوراق قصصا عن شخص رأى الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأمره بتبليغ رسالة ما إلى المسلمين. كما شاع في أوساط الفتيات قبل فترة وجيزة رؤيا خلاصتها أن فتاة رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم في المنام وقال لها إن الساعة سوف تقوم قريبا; وعلامة ذلك أن تفتحي مصحفا قديما فتجدي فيه شعرة أو ورقة ممسوحة. وقام مروجو هذه البدع بإعادة كتابتها بخط اليد أو نسخها وتوزيعها على عدد كبير من الفتيات والشباب. وتنسج الروايات التي تختفي ثم تعاود الظهور في فترات معينة، وتتخذ معظمها الشكل التالي ''مرضت فتاة مرضا شديدا أعيا الأطباء. وفي ذات ليلة بكت حتى نامت وهي على تلك الحال; فرأت ''أم المؤمنين السيدة زينب'' فوضعت في فمها شيئا من القطران، وطلبت منها أن تكتب هذه الرواية (13) مرة، وتطلب من الناس أن يكتبوها، فلما استيقظت الفتاة وجدت نفسها قد شفيت من المرض تماما وقامت بكتابة الورقة ثلاث عشرة مرة ووزعتها، فحدث التالي: أول ورقة وقعت في يد رجل فقير فكتبها ثلاث عشرة مرة ووزعها فجاءته أموال طائلة بعد ثلاثة عشر يوما. والورقة الثانية وقعت في يد غني فمزقها فذهبت أمواله كلها بعد ثلاثة عشر يوما، والورقة الثالثة وقعت في يد رجل على رأس عمل كبير فسخر منها ففصل من العمل بعد ثلاثة عشر يوما تقول الرواية: فعليك أخي المسلم أختي المسلمة أن تقوموا بكتابة هذه الورقة وتوزيعها لتنالوا من الله كل ما تحبون في إرادته. وهناك روايات أخرى وقعت بين أيدينا، مثل وصية الشيخ أحمد التي تعاود الظهور مرة بعد أخرى بين شبابنا وخاصة الفتيات منهن، دون أن نعرف مصدر مروجي هذه البدع ولا الشيء الذي يبغونه من وراء ذلك. تحذير شديد من ازدراء الورقة لا تستخدم عقلك ولا تناقش لئلا يصيبك ما أصاب هؤلاء، واحذر أن تمزق تلك الورقة ''الأسطورة'' لئلا تفقد عملك أو تفقد مالك وربما تفقد دينك. هكذا يزعم من يقف وراء نشر هذه البدع. وما تزال تلك القصص والأوراق تتنقل بين الشباب دون أن نعرف حقيقتها، ويسمح كاتبوها لأنفسهم بنشر البدع وسط الشباب يبدأون قصصهم بالترغيب وينهونها بالترهيب والتحذير من خطورة ازدراء هذه الأوراق، كما يحذرون من يخالفها بالعقاب والعذاب ويبشرون من يفعلها بالتوفيق. وبخصوص ذلك نبه الدكتور ''محمد ايدير مشنان'' لخطورة انتشار هذه البدع وسط الشباب، متسائلا كيف تنطلي هذه الألاعيب السخيفة على مسلم قرأ في التنزيل ''اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا''. ويسمح هؤلاء لأنفسهم بالاستخفاف بعقول شبابنا ويزعم أن من لم يفعل كذا أصابه بعد أيام معدودة ما يكره; ومن فعله لقي ما يحب. و هذا الفعل المطلوب ليس واجبا ولا مستحبا بل ولا مباحا, إنما هو بدعة منكرة وخرافة غليظة. وليسأل الشاب نفسه هل هذه الكتابة ''عبادة'' أم أنها عمل دنيوي محض؟ فإذا كانت عبادة فهي مردودة لأن الإنسان أراد بها الدنيا وحفظ المال والوظيفة والصحة; والله تعالى يقول : ''من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون''، فهو عمل حابط باطل جزاؤه النار. وإذا كانت عملا دنيويا فهي أيضا مرفوضة; لأنها ليست من الأسباب المادية, والذي يريد المحافظة على الوظيفة عليه ألا يتأخر عن وقت العمل, وأن يؤدي مسؤولياته, وأن يحسن استقبال زبائنه, ويبني علاقته مع رؤسائه على أساس صحيح. وهكذا حفظ المال والصحة وغيرها له أسبابه المادية المعروفة, ولا يرد نجاح ذلك الى نشرك لتلك البدع والضلالات في أوساط الشباب المسلم .