”جرعة حقيقة”، مسرحية تحاول أن تقتفي أثر الأكاذيب التي يواجهها الناس في يومياتهم وتجعلهم متذمرين من حياتهم، وعبر نص “موت فوضوي صدفة” للكاتب الإيطالي داريوفو، قام فوزي بن إبراهيم بإخراجها والمشاركة بها ضمن فعاليات المهرجان الوطني للمسرح المحترف، وقد عرض مساء أول أمس على جمهور العاصمة. الجمهور العاصمي كان على موعد أول أمس مع عرض هذه المسرحية التي استقطبت عشاق الفن الرابع الذين صفقوا مطولا لأبطال المسرحية، ورحل الجمهور على مدار ساعة من الزمن ليستمتع بمشاهد كوميدية رمزية تتضمن رسائل بالغة القوة. وتدور أحداث القصة التي أضفى عليها الديكور بلونيه الوردي والأزرق القاتم مسحة جمالية خاصة في قسم للشرطة، حيث يجري التحري حول موت فوضوي لمتهم بتفجيرات إرهابية، لكن تكتشف عناصر الشرطة أن قاضي التحقيق الموجود بينهم مزيف، وما هو إلا شخص مجنون ليموت هو أيضاً في ظروف غامضة ثم يذهب المحقق الحقيقي ويبدأ التحقيق من جديد ويسدل الستار عن المسرحية لتترك النهاية مفتوحة على كل الاحتمالات. وكانت المسرحية التي اقتبسها لمسرح باتنة الجهوي المخرج الشاب فوزي بن إبراهيم عن إحدى النصوص الناجحة والمعروفة للكاتب الإيطالي داريوفو صاحب جائزة نوبل للآداب قد أسقطت حسب العارفين بالخشبة بذكاء على واقع المجتمع اليوم دون أن تفقد مغزاها الحقيقي. وجاء العرض حسب الكثير من المثقفين والمهتمين بأب الفنون مميزاً لأنه استطاع إلى جانب الرسائل التي مررها أن يجذب الجمهور ليصفق له ويضحك ثم يخرج بعد أن استمتع بالقصة وبأبطالها، حيث أبدع محترفو مسرح باتنة الجهوي في أداء أدوارهم المعقدة أحياناً، وتمكنوا بالفعل من خلق أجواء الفرجة داخل القاعة. كما شهدت قاعة مصطفى كاتب بالمسرح الوطني الجزائري، عرض المسرح الجهوي قالمة “ربيع روما” التي قام بالإخراج والسينوغرافيا أحمد رزاق وألفها خيذر أحميدة. وتدور أطوار المسرحية حول شخصية نيرون الإمبراطور أو الطاغية كما عرفه التاريخ، وأخذت هذه الشخصية لمقاربة خاصة، بحيث أخذت كشخصية مريضة وعدوانية في شكل ساخر وكوميدي، وقدمت في شكل المسرح داخل المسرح وعمل عليها إسقاط لهذا وظفت المسرح كفضاء ومعلم حضاري وإنساني، ويعبر عبر تساؤلاته: ألا يعتبر الغرب السياسي مسانداً للديكتاتورية، ألا تعتبر الحملات والهجمات على العراق وفلسطين وأفغانستان والصومال ممولة من الغرب السياسي، ألا يعتبر بوش وبلير وساركوزي وأتباعهم نيرونات هذا الزمان؟ ألا يعتبر حكام إسرائيل وكيانها نيرونين.