تعددت المفاهيم والتعريفات الخاصة بمفهوم المواطنة، حسب الزاوية التي يُنظر إليها لتحديد هذا المفهوم الذي ينظر إليه البعض على انه تقديس للوطن أو أنه المقاتلة من اجله وحتى الولاء له في كل الظروف، ويرى آخرون أنه تكريس الانتماء للدولة أكثر من أي اعتبارات وطنية أخرى، وهناك تفسيرات تعتبره مجرد تجنس وعلى العكس فإن المواطنة عند المختص ليست حمل جنسية دولة في الشكل باعتبار أن الجنسية ظاهرة قانونية بل أنها الباطن النفسي والاجتماعي الذي يشعر به الفرد. وقد فتح مجلس الأمة، نهاية الأسبوع الماضي، نقاشا حول مفهوم البرلمان والمواطنة بحضور مختصين وأساتذة في القانون وعلم الاجتماع والنفس وبرلمانيين، أعطى كل واحد منهم مفهوما خاصا للمواطنة من زاوية رؤيته ومنصبه غير أن المشاركين في الندوة أجمعوا على أن مفهوم المواطنة مرتبط بقيم المشاركة السياسية وحماية حقوق الإنسان وكذا التفاعل الايجابي مع كل التطورات الحاصلة إن على الصعيد الداخلي أوالخارجي مع الالتزام بأبسط الواجبات تجاه الوطن لنستحق المواطنة. وقدم الدكتور براهيمي الطاهر من جامعة بسكرة محاضرة قيمة عن دور التشريع البرلماني في تربية قيم المواطنة، معتبرا المواطنة هي قبل كل شيء ممارسات ملموسة وجلية وقدرة على مواجهة المشاق من أجل الوطن، مشيرا إلى أن دستور 1996 وسع المجال التشريعي الخاص بمشاركة الفرد في العمل السياسي وتسيير الوطن وعليه أخذت المواطنة صورتها العملية الواسعة الحالية بمشاركة جميع أفراد وشرائح المجتمع في الممارسات السياسية ومؤسسات الدولة من بينها غرفتا البرلمان. كما تطرق المحاضر إلى المفاهيم التي قدمها التشريع البرلماني والحلول التي وجدها والتي من شأنها أن تجعل التشريع في المواطنة مسألة دولة ومسألة مواطن كفرد، علما أن أزيد من 30 نصا تشريعيا في الدستور يتحدث عن المواطنة بين الحقوق والواجبات إلا أن هذا المفهوم والمبدأ يستدعي شرحا أوسع ودراسات معمقة للذهاب بعيدا في معناه وشرحه كي لا تتداخل التعاريف والمعاني الخاصة بالمواطنة لدى الجميع وحتى تتوحد الرؤى أكثر. وتوبعت الندوة بنقاش ثري ومطول قدم من خلالها المتدخلون جملة من الأسئلة حول حدود المواطنة وهل الشاب الرافض لأداء الخدمة الوطنية محروم من الحق المعنوي للمواطنة، وفي هذه الحال ما هو محل المرأة من مفهوم المواطنة وأين نصنف الممتنعين عن الانتخاب أوالمقبلين عليه؟ وفي مختلف الظروف والحالات متى يمكننا أن ننكر عن الفرد مواطنته أونلغيها عنه؟...ولم يجب المحاضر بشكل مباشر عن تساؤلات المشاركين في الندوة إلا انه أكد على أن حب الوطن والمواطنة لا يمكن النقاش أوالتصرف فيهما حتى وان كان هناك تراجع في أداء الواجب. وقد اختتمت الندوة الفكرية بالمطالبة بفتح نقاش موسع حول مفهوم المواطنة وذلك على مستوى البرلمان بغرفتيه مع الدعوة إلى ضرورة تقرب ممثلي البرلمان من مواطنيهم ومنتخبيهم والإصغاء إليهم عوض التحدث نيابة عنهم.. وبشكل عام فإن تحليل الشخصية الجزائرية أثبتت أن الجزائري كان أكثر تمسكا بوطنيته وأنه وإن جنسه الاستعمار الفرنسي إلا انه تمسك بهويته العربية والإسلامية وبجزائريته ووطنه على مر السنين.