قال الناقد السينمائي أحمد بجاوي، انه من الصعب انتاج فيلم تاريخي لأن ذلك يتطلب الكثير من الإمكانيات المادية والتجهيزات مثل الديكور والألبسة. مضيفا أنه من الأجدر الوصول إلى تاريخ متفق عليه قبل الشروع في ترجمته فنيا. ليختتم قوله بأن دور الفنان الاساسي يعتمد على الخيال وان استمده من الواقع، وهو ما كان عليه سيناريو الفيلم الذي كتبه في الستينيات ولم ير النور ليتحول إلى كتاب بالاشتراك مع الفنان دوني مارتيناز بعنوان “صور وأوجه معركة تلمسان”. قدم الأستاذ والناقد السينمائي أحمد بجاوي أول أمس بقاعة الأطلس، مداخلة حول كتابه “صور وأوجه معركة تلمسان” الذي صدر الصيف الفارط عن دار “شهاب” بالتعاون مع دوني مارتيناز، حيث تحدث عن اهم محاوره، وكذا عن تحوله من سيناريو فيلم إلى كتاب. وقال بجاوي أنه استلهم احداث الكتاب الذي هو في الأصل سيناريو فيلم لم يقدرّ له التجسيد على ارض الواقع، من أحداث معركة تلمسان، وبالضبط من الهجوم الذي قاده ابناء المنطقة على مقر الضباط وقت الإفطار من شهر رمضان حتى لا يصاب أي جزائري بسوء، وكان ذلك سنة 1956. ونوّه بجاوي بذكاء العقيد لطفي مخطط هذا الهجوم، حيث قال أن لطفي كان يسكن قريبا من مسكن عائلته. مضيفا “أن سي إبراهيم (العقيد لطفي) كان الرجل الوسيم الذي يسكن على 20 مترا من منزل عائلتي وكان يتميز بالتحفظ والكتمان، ويوما ما سألت عنه قيل لي هذا بن علي دغان الذي نناديه احيانا بودغان”. وأكد المحدث أن هذا العمل الذي كتبه ووضع رسوماته الفنان دوني مارتيناز، اراد به أن يؤكد على مدنية وعمرانية هذه المعركة التي قام بها ابناء تلمسان، حيث وقعت مختلف الهجومات في بادئ الأمر في المدينة متحدية الخطر، وهذا للتخفيف من الحصار الذي كانت تعاني منه القرى. مستطردا أن المجاهدين كانوا شبابا قرروا رفع السلاح من أجل تحرير البلد وتعرضوا للتعذيب والقتل ومنهم نساء جميلات رفضن الزواج والعيش الرغيد واخترن طريق الكفاح. وفي هذا السياق، قال بجاوي انه اراد تسليط الضوء على جانب مختلف من تاريخ الجزائر، يتمثل في النفسية والدوافع التي أخذت بأيدي شباب في عمر الزهور إلى الثورة. مضيفا انه فيما بعد جاء دوره ودور اقرانه في المشاركة في تحرير البلد، كما تناول مقاومة والده التي تمثلت في بيع جريدة “ليبرتي” المحظورة، وهو ما كان يكلفه السجن في كل مرة، معتبرا أن نيل الاستقلال كان هدف الجميع. واختار بجاوي أن يمزج بين الواقع التاريخي والخيال في عمله هذا الذي وضع رسوماته دوني ماريتناز، وكان في الأصل سيناريو لفيلم تم تصوير بعض مشاهده في تلمسان سنة 1968، وقسم الكتاب إلى جزئين حمل الجزء الأول “فنان تشكيلي في فيلم”، ذكريات الرجلين المتعلقة بمشروع الفيلم المجهض، وكذا السياق الثقافي في ذلك الزمن، أما الجزء الثاني فنجد فيه سيناريو الفيلم. في إطار آخر، تناول بجاوي واقع السينما الجزائرية، فقال أن هناك مواهب سينمائية معتبرة، إلا انه لا يمكن أن نقول بأن الجزائر تمتلك سينما لافتقادها القاعات السينمائية التي كان عددها 400 واصبحت اليوم لا تتجاوز العشرين قاعة، علاوة على غلق المخابر والاستوديوهات التي كانت تدعم الفن السابع الجزائري. واعتبر بجاوي أن الجمهور الذي كان يتوافد إلى قاعات السينما هو الذي كان بحق مموّل القطاع من خلال شراء التذاكر حيث كانت هذه المستحقات تعود إلى صندوق دعم السينما، وهذا الأخير كان يمول الافلام الجزائرية، وليس التلفزيون الجزائري من كان يقوم بذلك، مؤكدا في هدا الصدد أن آخر فيلم شعبوي كان فيلم “عمار قتلاتو”. وتأسف بجاوي عن قلة الفضاءات التي تجمع بين الجمهور والمخرجين. مضيفا أن المخرج السينمائي يقوم بالترويج لفيلمه في المهرجانات. كما طالب من المخرجين بضرورة النهل من الفنون الآخرى، إذ أن الفن السابع جامع للفنون مثل الموسيقى والفن التشكيلي والشعر والرقص وغيرها، فمن الواجب أن يكون المخرج ملّما بأكثر من فن، ليطالب بالعودة إلى الصفر في مسألة السينما، وهذا من خلال تحبيب هذا الفن لتلاميذ المدرسة، وكذا تثقيف المدرسين بهذا المجال.