فشلت المعارضة السورية المنضوية تحت لواء المجلس الوطني السوري في توسيع تشكيلتها باستقطاب جهات معارضة أخرى مما يؤكد عمق الخلافات بين أطرافها والتي كانت سببا في انتقادات حادة من قبل المجموعة الدولية. وإذا كان المجلس الوطني السوري المجتمع أعضاؤه إلى جانب فصائل معارضة أخرى بالعاصمة القطرية نجح في انتخاب رئيس جديد ممثلا في شخص المسيحي جورج صبرة خلفا للكردي عبد الباسط سيدا فإن هذه الفصائل فشلت في توحيد صفوفها والتكتل في هيئة واحدة تكون بمثابة الطرف القوي الذي تتعامل معه الدول الغربية المناهضة لنظام الرئيس السوري كما سبق وجرى مع المجلس الانتقالي الليبي. ويكون الفشل في تحقيق هذا الرهان الذي أصرت عليه الولاياتالمتحدة هو الذي جعل المعارضة السورية تواجه سيلا من الانتقادات اللاذعة لعدم قدرتها على تحقيق الإجماع وتوحيد صفوفها في الخارج كما في الداخل. ويبدو أن خلافات الفصائل السورية المعارضة اكبر بكثير من أن تحتويها مجرد اجتماعات في هذه العاصمة أو تلك باعتبار أن كل طرف يريد أن يمرر منطقه على حساب الطرف الثاني ليكون هو القائد في صراع دام يدفع الشعب السوري ثمنه بدماء أبنائه مع بزوغ فجر كل يوم جديد. والى غاية أمس أبقى المجلس الوطني السوري الذي يعتبر اكبر فصيل معارض على تحفظه على مخطط لتوحيد صفوف المعارضة مراهنا في الوقت نفسه على اتفاق مع الجماعات المسلحة التي تحارب نظام الرئيس بشار الأسد. والحقيقة أن المجلس الوطني السوري أراد من خلال تحفظه على هذا المخطط المستوحى من مقترح للنائب السوري السابق المنشق رياض سيف قطع الطريق على هذا الأخير مخافة تهميشه بعد أن استشعر ميل الولاياتالمتحدة لصالح الوزير الاول السوري المنشق رياض سيف في دعم دعوته لتشكيل حكومة مؤقتة تتولى مهمة تسيير مرحلة انتقالية في سوريا وتتفاوض مع المجتمع الدولي. وهو ما جعل جورج صبرة وفور انتخابه رئيسا للمجلس يبرر هذا التحفظ بالتاكيد أن المجلس الوطني السوري يبقى أقدم تشكيلة معارضة من بين كل الفصائل له وجهة نظره وأهدافه التي يصبو إلى تحقيقها. وطالب المجموعة الدولية بدعم الشعب السوري من خلال تزويد المعارضة المسلحة بالسلاح وقال "لدينا مطلب وحيد وهو إيقاف حمام الدم ومساعدة الشعب السوري على الإطاحة بهذا النظام من خلال تسليحه". وهي دعوة كررها صبرة ثلاث مرات رغم أن مثل هذا المطلب يتناقض تماما مع كل المساعي والجهود الرامية لاحتواء الأزمة السورية سلميا وخاصة تلك التي يقودها الأخضر الإبراهيمي الموفد الدولي المشترك إلى سوريا. ثم أن الخلافات بين أطراف المعارضة السورية ازدادت عمقا مع انسحاب اللجان المحلية للتنسيق والتي تعد من بين أهم الشبكات التي تقود الحركة الاحتجاجية المناهضة للنظام القائم في دمشق على أرض الميدان. ونددت هذه الهيئة بما وصفتها ب«النتائج المخيبة للآمال في إعادة تنظيم" أكبر فصيل للمعارضة في إشارة إلى المجلس الوطني المعارض الذي أعابت عليه سيطرة الإخوان المسلمين على معظم هياكله. وبينما ينصب الاهتمام على الحراك الذي تقوم به المعارضة السورية من أجل الخروج بأرضية توافقية وتشكيل هيئة موحدة تكون لها كلمتها على الساحة الدولية تتواصل أعمال العنف في مختلف أنحاء سوريا بحصد مزيد من الأرواح وقد تجاوزت حصيلة القتلى 35 ألف شخص منذ 20 شهرا من اندلاع النزاع. وفي آخر حلقات مسلسل العنف لقي ما لا يقل عن 20 جنديا سوريا مصرعهم في انفجار سيارتين مفخختين استهدفتا أمس ناديا للضباط بمدينة درعا بجنوب البلاد.