اتفقت الجزائروتونس على الارتقاء بتعاونهما الثنائي إلى أعلى المستويات، مشيرتان إلى أن زيارة رئيس الحكومة التونسية المؤقتة السيد حمادي الجبالي تشكل محطة أساسية لتفعيل العلاقات المختلفة في ظل الارادة السياسية المتوفرة.وحدد البلدان في هذا الصدد الأولويات للمضي قدما في مجالات التعاون لاسيما في مجال تأمين الحدود ومواجهة مخاطر الارهاب وتهريب السلاح وتنقل الاموال غير الشرعي ودفع التنمية الشاملة. كانت الندوة الصحافية المشتركة التي عقدها أمس وزير الخارجية السيد مراد مدلسي بمعية نظيره التونسي رفيق عبد السلام بوزارة الخارجية لتقييم حصيلة زيارة رئيس الحكومة التونسية المؤقتة الى الجزائر، فرصة لتجديد التأكيد على البعد الاستراتيجي للعلاقات الثنائية وإقرار آليات لتفعيل مختلف مجالات التعاون. وفي هذا الصدد، أكد السيد مراد مدلسي أن مواضيع الحوار بين رؤساء الوفود مبنية على "إرادة سياسية قوية" من قبل رئيسي البلدين، يكون اساسها الحوار المسؤول والذي سمح بالانطلاق بنهج براغماتي إيجابي. وإذ تحدث عن أولويات التعاون في مجال إرساء الامن والاستقرار في المنطقة المغاربية على ضوء التطورات التي تشهدها منطقة الساحل وخصوصا مالي، فقد أشار رئيس الدبلوماسية الجزائرية إلى أن ذلك يدفع إلى قناعة بضرورة تكييف التعاون لمحاربة الارهاب وتأمين الحدود ووضع حد لتهريب السلاح وتنقل الاموال غير الشرعية. وفي هذا السياق، كشف السيد مدلسي عن عقد لقاءات ثنائية قبل نهاية السنة الجارية بين مسؤولين جزائريين وتونسيين في قطاعي الدفاع والداخلية للخروج بآليات جديدة تجعل من الحدود المشتركة للبلدين مناطق آمنة يميزها النمو والازدهار، إلى جانب دفع عجلة التعاون الثنائي، عن طريق تنظيم زيارات عن قريب جدا من طرف مسؤولين على أعلى مستوى في القطاعين، يشارك فيها ولاة المناطق الحدودية لتقوية أواصر الاخوة بين سكان البلدين. وفي موضوع آخر، لا يقل أهمية، تطرق مدلسي إلى ضرورة تحسين أوضاع الجالية في كلا البلدين، من خلال تحيين اتفاق الاستيطان الموقع بين البلدين سنة 1963، وأشار في هذا الصدد إلى الاتفاق على عقد لقاء في غضون الاسابيع المقبلة للتوصل إلى مشروع قابل للتوقيع، مبرزا التقدم الذي أحرزه هذا الملف. أما في الشق الاقتصادي، فقد ركز رئيس الدبلوماسية الجزائرية على أهمية التنمية الشاملة التي تأخذ بعين الاعتبار كل وسائل ومقومات التنمية من طاقات بشرية ومادية، لا سيما في قطاع المحروقات، إذ تم الاتفاق –يضيف مدلسي- على "تشجيع البحث والتنقيب المشترك" وكذا الربط بالكهرباء والغاز، مع العمل على تعزيز التعاون في مجال الطاقات المتجددة لاسيما الشمسية منها. ولترجمة النوايا على أرض الميدان، كشف الوزير عن برامج مشتركة تجسد هذه الارادة القوية التى تحدو مسؤولي البلدين في قطاع المحروقات والطاقة والمناجم. في حين حرص على التأكيد على أن ترقية التعاون الثنائي "لا بد أن تمر عبر تكييف البنية التحتية بصفة مستمرة وإيجابية من أجل تسهيل الأمور لمقاولي البلدين"، خاصة ما تعلق منها بوسائل النقل سواء كانت برية من سكك حديدية وطرق سريعة أو بحرية، وكشف عن وجود برنامج عمل مشترك لاندماج هذه الشبكات بصفة أحسن. وتناول رئيس الدبلوماسية الجزائرية مجالات تعاون أخرى على غرار التكنولوجيات الحديثة، مذكرا باتفاق الوزراء المعنيين بالقطاع في البلدين الذي يؤكد على ضرورة "تطبيق نصوص الوثيقة التي وقعها البلدان سنة 2010"، علاوة على لقاءات مشتركة من بينها لقاء مرتقب بمدينة عنابة قبل نهاية السنة الجارية يجمع مختصين في القطاع. على الصعيد الدولي، أكد الوزير أن اللقاء الذي جمعه بوزير خارجية تونس قبل الندوة الصحفية كان فرصة للتطرق إلى الاوضاع مغاربيا وعربيا وإفريقيا، مؤكدا تجديد الطرفين لقناعتهما وإرادتهما في "دعم التشاور الدائم على المستوى السياسي". وسجل الوزير في هذا الجانب ارتياحه "لتوافق رؤى البلدين حول أغلبية القضايا والازمات العربية منها فلسطين وسوريا والإفريقية كالوضع في مالي الذي يحظى هو الآخر بتوافق في وجهات النظر بين الطرفين". من جهته، أبرز الوزير التونسي الخصوصية التي تتميز بها العلاقات الثنائية والتي توجد في الوقت الراهن في أفضل حالاتها بفضل الارادة المتوفرة لاعطاء "نفس جديد" لعلاقاتهما الثنائية في كافة المجالات. وأشار السيد عبد السلام إلى أن الزيارة الناجحة لرئيس الحكومة التونسية السيد حمادي الجبالي للجزائر تعد محطة هامة من شأنها إعطاء نفس جديد للعلاقات القائمة بين البلدين. كما جدد الوزير التونسي التأكيد على أهمية تنمية المناطق الحدودية وتحويلها إلى جسر تكامل بين البلدين والشأن نفسه بالنسبة للمبادلات الثقافية التي قال بشأنها أنها لابد أن تتعزز بإرادة سياسية. كما أبرز رئيس الدبلوماسية التونسية وجود تقارب في وجهات النظر حول القضايا المختلفة من خلال الاتفاق على المخاطر الامنية خاصة على ضوء ما يحدث في مالي مما يشكل انزعاجا لكل دول المنطقة، مشددا على ضرورة التعاون الامني بما يخدم مصالح البلدين. وفي رده على سؤال حول تاريخ عقد القمة المغاربية أشار السيد عبد السلام قائلا "إننا نريد دراسة المسألة بتأن وهناك روح تشاور بين دول المغرب العربي". وكان وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي قد أجرى، أمس الاثنين، محادثات مع نظيره التونسي السيد رفيق عبد السلام. وقد جرت المحادثات بمقر وزارة الشؤون الخارجية بحضور كاتب الدولة المكلف بالجالية الوطنية في الخارج السيد بلقاسم ساحلي.