من المبالغة القول أن التوصل إلى تنصيب المجالس الشعبية المحلية، يعني نجاح الادارة المحلية في تذليل الصعوبات والمشاكل التي اعترضت الكثير من هذه الهيئات التي لجأت إلى القفز نحو المجهول، من خلال التحالفات التي نسجت للتقريب بين الاحزاب الفائزة، والتي تبقى في كل الحالات معادلة ظرفية بإمكانها أن تتأثر عند أول جلسة لهذا المجلس أوذاك، لأن الثقافة السياسية للكثير من المنتخبين ضعيفة وتتحكم فيها المصالح وليس الايديولوجيات أو الولاء للأحزاب التي رشحتها، وتجارب العهد السابقة خير دليل، حيث كانت أغلب هذه المجالس تنهي عهدتها على وقع خلافات حادة سرعان ما برزت للظهور مرة أخرى بمجرد إعلان الأحزاب الفائزة على المستوى المحلي وعودة بعض الوجوه إلى الظهور ولو على قوائم غير التي أوصلتها في العهدة الفارطة الى تسيير البلديات. والتحالفات من هذا النوع الذي تراعى فيه مصلحة المنتخب لا الناخب، هي في الواقع مضيعة للوقت بل أنها تشكل فشلا ذريعا لتجربة التسيير المحلي لشؤون المواطن الذي بدأ يلمس من جهته، بأن شؤونه ستدار من قبل أشخاص رفضتهم الأغلبية من خلال الصندوق، وجاء بهم الاحتكام إلى المادة 80 من قانون البلدية، التي كان الرهان عليها لتفادي الانسداد في ظل انعدام التوافق حتى بين أعضاء القائمة الواحدة. ومن دون شك، فإن هذه التجربة الجديدة، ستنجر عنها الكثير من المشاكل التي تعطل شؤون المواطن بالدرجة الأولى، وقد تتسبب في انسداد من نوع آخر في المستقبل القريب، حيث ستنصرف الكثير من المجالس المحلية إلى التفكير في نسج تحالفات جديدة على أنقاض تلك التي كرستها المادة ال80، فتتيه هذه المجالس مرة أخرى، في حلقة مفرغة لأشهر عديدة، دون أن تلتفت إلى المواطن الذي سيكون الضحية الاولى في لعبة المجالس المحلية، وهنا يكمن السر دوما في عدم تجاوب المواطنين مع الانتخابات المحلية بنسب عالية.