يحتفل المتحف الوطني للفنون الجميلة بالروائع التشكيلية للفنان الجزائري محمد بوزيد، وهي بمثابة تكريم بعمالقة الفن الجزائري في القرن العشرين، وجاء المعرض على شكل بانوراما تغطي مسار 60 سنة من العطاء والإبداع، وتسجيل للأحداث الفنية الكبرى التي اجتازتها الجزائر. المعرض الذي يمتد إلى غاية 31 جانفي القادم، هو أيضا احتفال بالذكرى الخمسين للإستقلال وعرفان لمن أنجز الختم الأصلي للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية. يحمل المعرض عنوان «مسار الحنين»، ويضم أساسا لوحات استقدمت (تمتد إعارتها) من مؤسسات عمومية وطنية، منها مؤسسة سونلغاز، رئاسة الجمهورية، البنك الوطني الجزائري، عمادة جامعة الجزائر وكذا المتاحف الوطنية، فندق «الأوراسي» وبعض الخواص (جامعي التحف).وفي حديثه ل"المساء"، أشار السيد محي الدين طيب، رئيس المصلحة التقنية بالمتحف، إلى أن هذا المعرض انطلق منذ 12 ديسمبر تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية، بإشراف من وزيرة الثقافة، ودعمته عدة جهات، منها الديوان الوطني لحقوق التأليف، الحقوق المجاورة والمركز الثقافي الجزائري بباريس. يضم المعرض 22 عملا على الورق (سيريغرافيا)، 71 لوحة زيتية و3 تصماميم طوابع مستقدمة من بريد الجزائر. كما وافق الفنان على إعارة المتحف بعض الأعمال الخاصة بمرحلته الأخيرة لإتمام منظر شامل ذي طابع متسلسل تاريخيا. وضمن هذا المعرض يحتل ختم الجمهورية مكانة إستثنائية، حيث تم عرضه في قلب المعرض (تصميم خشبي). ويتميز المعرض بإيضاءاته المنبثقة من الألوان الزاهية والمشعة، ذات المواضيع المختلفة، بعضها بإيضاءات ذهبية، حيث حرص الفنان عموما على استعمال الخطوط المذهبة. تحضر في اللوحات التشاخيص الواضحة أحيانا والمبهمة أحيانا أخرى، ناهيك عن الرموز، الأشكال الهندسية، الألوان الفاتحة والحية وعلى رأسها؛ الأحمر، الأزرق والأخضر المائي، كما تتميز بامتزاج المدارس الفنية خاصة الحديثة منها.يتوسط المعرض مجسّم ختم الجمهورية بالرموز المتعددة، كالشمس المشرقة على الجبل، والتي تعني بزوغ فجر الحرية المرتبطة دوما بالجبل، يوجد أيضا «الخامسة» وهي تراث شعبي تم تشويهه من طرف الإستعمار، وكذا النجمة والهلال رمز العلم الوطني، أما صندوق الاقتراع فدليل الديمقراطية، إضافة إلى أوراق البلوط رمز المقومة وغصن الزيتون. في ظهر الختم، يوجد الشعار الوطني «من الشعب وإلى الشعب»، إضافة إلى نجمتين وهلالين ورموز خاصة بالحياة الزراعية، المعرفة، البناء والتحرير. محمد بوزيد من مواليد 12 ديسمبر 1929 بالأخضرية، حاصل على شهادة معلم من مدرسة المعلمين ببوزريعة (1946 - 1950) اشتغل بالتدريس إلى غاية 1953، باشر الرسم وهو شاب متأثر بعدة رسامين، مثل سوفور غالييرو، وتعود أولى أعماله إلى بداية الخمسينيات. تحصل على منحة لورمان وأرقام بكازا فيلاسكيز بمدريد، فاز بالجائزة الفنية الكبرى للجزائر سنة 1959، وشارك في العديد من المعارض الجماعية (صالون المستشرقين وصالون فناني شمال إفريقيا)، كما أنجز عدة معارض شخصية برواق «كولين» بوهران، رواق «كونت تانشان»، «ريفاج»، «العدد الذهبي» وغيرها من المعارض في فرنسا، بروكسل والولايات المتحدة. في سنة 1962، طُلب منه تقديم وإنجاز ختم وشعارات الدولة الجزائرية، بعد الإستقلال اشتغل كمستشار لدى وزارة الثقافة، وكان عضوا مؤسسا للإتحاد الوطني للفنانين التشكيليين، أبدع الفنان عديد الجداريات، منها الموجود بمقر ولاية تيزي وزو، والمدرسة متعددة التقنيات بالحراش، القاعة الشرفية لمطار الجزائر الدولي، الأوراسي، بواخر الشركة الوطنية للملاحة البحرية، في رئاسة الجمهورية، متحف الفنون الجميلة، قاعدة «سوناطراك» بحاسي مسعود، في عدة سفارات جزائرية عبر العالم وغيرها من الأماكن العديدة، إضافة إلى هياكل متعددة أخرى عبر أوروبا. الفنان شارك في تصميم ديكورات وأزياد المسرح الوطني الجزائري وديوان السينما (منها مثلا فيلم «العفيون والعصا» لأحمد راشدي)، وهو صاحب العديد من إنجازات الرسم المطبعي في المجال الإعلامي (ملصقات، تصماميم كتب، مجالات وإصدارات طوابيعية). منذ 20 سنة، يقدم معارضه في أهم الأماكن بأوروبا وفرنسا، ويعمل حاليا، رغم تقدم سنه، مسؤول ورشة «الفنون التشكيلية وتاريخ الفن» بالمركز الثقافي الجزائري بباريس». وله عديد الأعمال المسرحية والسينمائية، إضافة إلى استغلاله لإنجاز ألبوم الرسومات الفحمية، ويبقى معرضه بمتحف الفنون الجميلة، تأريخا لمسيرته من خلال أعمال ميزتها أحداث عاشها هو أو عاشتها الجزائر، سواء في فترة الإحتلال أو بعد نيل السيادة الوطنية