كشف وزير الفلاحة والتنمية الريفية، السيد رشيد بن عيسى، أمس، أن المضاربة وراء التهاب أسعار المنتجات الفلاحية، حيث يتحصل الوسطاء على هامش ربح يتراوح بين 50 و300 بالمائة، مما يرفع السعر الحقيقي للمنتوج الفلاحي إلى 85 بالمائة، وهو الربح الذي يتحصل عليه الوسطاء دون تقديم خدمة معينة، حيث يسوق المنتوج على طبيعته دون تنظيف أو تعليب، ولحل الإشكال، أكد الوزير أن الأمر يستوجب تنسيق العمل مع عدة قطاعات، كما أن القضاء على الفوضى التي تعرفها الأسواق لن يكون قريبا. بدا وزير الفلاحة والتنمية الريفية مرتاحا لنتائج الدورة التقيمية السادسة عشر لعقود النجاعة التي تمت وفق المقاييس التقنية، مشيرا إلى أن الوزارة تمكنت من وضع مؤشرات توجه القطاع بعد تحديد القدرات التقنية والبشرية للنهوض بالفروع وتوجيه الاستثمارات، ودعا ممثل الحكومة إطارات القطاع للتقرب من كل الفاعلين لوضع المساعدات التقنية في خدمتهم بعد أن وفرت الوزارة الدعم المالي المتمثل في مجموعة من القروض البنكية دون فوائد مما يجعل الحركية خلال السنة الجديدة أقوى من السنوات الفارطة بالنسبة للقطاع الفلاحي. وفي كلمة ألقاها الوزير أمام إطارات الوزارة، نوه بضرورة تشجيع الفلاحين على استغلال تقنية البذر المباشر دون حرث المناطق الهشة لما للتقنية من منافع وإنتاجية جيدة مع تعميمها على المناطق الغابية. بالمقابل، حرص السيد بن عيسى على ضرورة الاهتمام بتوفير أغذية الأنعام وتنويعها لتغطية طلبات السوق الوطنية عوض اللجوء في كل مرة للأسواق العالمية. ولدى تطرق الوزير لانخفاض فاتورة الاستيراد، أكد أنها محددة حاليا في سقف 8 ملايير دولار، مقابل 29 مليار دولار وهي قيمة الإنتاج الفلاحي لسنة 2012، مشيرا إلى أن النظام المطبق من طرف الوزارة بخصوص مراقبة الأسواق والبورصات العالمية للمنتجات الفلاحية يعمل بطريقة محكمة سنة بعد أخرى، مما يسمح باقتناء طلبات السوق الوطنية في الفترة التي تكون فيها الأسعار معتدلة، ناهيك عن تطوير الإنتاج المحلي الذي يغطي اليوم 79 بالمائة من طلبات السوق. وفي رد الوزير على أسئلة الصحافة بخصوص عدم توافق المعادلة بين الإنتاج الوفير والأسعار المطبقة في السوق، أكد أن الوزارة عكفت خلال السنوات الأخيرة على تحسين قدرات الإنتاج وتكوين الفلاحين لضمان الوفرة والنوعية في السوق، غير أن المضاربين من الوسطاء يحتكرون هامش الربح، فلا الفلاح راض عن الأسعار المتداولة في السوق وهو الذي يسوق منتوجه بسعر معتدل ولا المستهلك راض عن الأسعار، فبين 50 و300 بالمائة من هامش الربح تدخل جيوب المضاربين دون عناء، ولحل الإشكالية أشار ممثل الحكومة إلى أن الأمر يتطلب تنسيق جهود العديد من الوزارات على غرار التجارة، الداخلية، الصحة، النقل وغيرها لوضع استراتيجية محكمة لسياسية التسويق ووضع حد للنظام "الهش" الذي تسير به اليوم الأسواق، فلا يكفي -يقول الوزير - إنجاز أسواق الجملة دون وضع حد لتجار الأرصفة والسوق الموازية، مع تسطير نظام تسيير محكم يحمي حقوق كل الفاعلين في القطاع ويحمي القدرة الشرائية للمواطن، مشيرا إلى أن قانون المالية لسنة 2013 خصص مبلغ 135 مليار دج لمواصلة دعم المنتجات واسعة الاستهلاك على غرار القمح والحليب. وبخصوص نسبة نمو القطاع الفلاحي أوضح الوزير أنه في تطور مستمر بعد أن بلغ 13,8 بالمائة خلال الأربع سنوات الأخيرة وتتوقع الوزارة أن تبلغ نسبة النمو السنوية 8,3 بالمائة نظرا للتطور الذي يعرفه القطاع، حيث وفر قطاع الفلاحة السنة الفارطة 2,533 مليون منصب شغل ليحتل بذلك المرتبة الثالثة ضمن القطاعات التي ساهمت في حل أزمة البطالة. ومن بين التوجيهات التي قدمها الوزير لإطاراته ضرورة إدماج الواحات والمناطق الفلاحية بالجنوب ضمن مخطط التنمية الريفية، مع تخصيص مشاريع جوارية لسكان هذه المناطق الصحراوية التي حققت المعجزات خلال السنوات الأخيرة، علما أن 18,5 بالمائة من طلبات السوق الوطنية من المنتجات الفلاحية مصدرها الولايات الصحراوية، وألح الوزير على ضرورة تسليط الضوء على الولايات المتأخرة في مجال الإنتاج الفلاحي لتحديد الأسباب. ورغم أن سنة 2012 كانت "صعبة" بالنسبة للقطاع الفلاحي بسبب موجة البرد القارص التي كانت مصحوبة بتساقط كميات كبيرة من الثلوج وكذا موجة الحر خلال فصل الصيف التي تسببت في إتلاف الآلاف من الهكتارات، غير أن الأرقام المقدمة من طرف وزارة الفلاحية بخصوص تقييم عقود النجاعة أكدت نجاح سياسة التجديد الفلاحي والريفي، حيث حققت شعبة الحبوب رهان إنتاج 51,2 مليون قنطار، وبالنسبة لشعبة الحليب فقد تم إنتاج 3,088 مليار لتر منها 688 مليون لتر من الحليب الطازج وإنتاج 42,2 مليون قنطار من البطاطا و11 مليون قنطار من الحمضيات و7,89 ملايين قنطار من التمور، أما شعبة اللحوم الحمراء فقد سجلت إنتاج 4,4 ملايين قنطار و3,6 ملايين قنطار بالنسبة للحوم البيضاء، أما شعبة الخضر قد حققت رقم 104,3 مليون قنطار وهو رقم قياسي على حد تعبير الوزير.