دافع أحمد معاذ الخطيب، رئيس ائتلاف المعارضة السورية، أمس، عن قراره الدخول في مفاوضات مع النظام السوري رافضا أن ينعت ب "الخائن" ما دام الأمر يهدف إلى وقف إراقة دماء السوريين. وأكد الخطيب يومين بعد لقاءات مكثفة عقدها مع الفاعلين الدوليين على هامش ندوة الأمن العالمي بمدينة ميونيخ الألمانية أن الكرة الآن في معسكر النظام السوري الذي "مددنا يدنا باتجاهه من أجل مصلحة الشعب السوري ومساعدة النظام على الرحيل في سلام". وجاءت تصريحات الرقم الأول في المعارضة السورية لتؤكد تمسكه بمضمون تصريحاته السابقة التي أدلى بها نهاية الشهر الماضي وأحدث المفاجأة عندما أكد استعداده التفاوض "بشروط" مع ممثلين عن النظام السوري ووضع حد للاقتتال الدامي الذي تعيشه سوريا منذ 22 شهرا. وطالب الخطيب النظام السوري بالإسراع في الرد سلبا أو إيجابا على عرضه، موجها كلامه للرئيس بشار الأسد أنه "يتعين عليك أن تنظر في أعين أبنائك وحاول إيجاد مخرج وإننا سنتعاون جميعا من أجل مصلحة الشعب السوري". وبقدر ما أكد الخطيب على استعداده الدخول في مفاوضات مع النظام السوري فإنه أراد أيضا أن يؤكد لمنتقديه في الائتلاف المعارض أنه ماض في خطوته رافضا أن يتهم بالخيانة من طرف بعض المعارضين بقناعة أن "شعبنا يموت ونحن لا نسمح بذلك". وكانت عدة أطراف وشخصيات في المعارضة السورية وجهت انتقادات لاذعة للخطيب بلغت حد تخوينه بعد أن تمسكوا بموقفهم المبدئي الرافض لكل فكرة للتفاوض مع النظام السوري قبل رحيل الرئيس بشار الأسد عن كرسي الرئاسة. ويبدو أن فكرة المفاوضات بدأت تجد طريقها إلى التجسيد في المتاهة السورية بعد أن تيقنت كل الأطراف أن الحل لن يكون إلا عبر طاولة مفاوضات مباشرة يطرح فيها كل طرف أفكاره وشروطه من أجل إنهاء مأزق لم يعد يحتمل. وهو المنحى الذي أكدته تصريحات وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي الذي جدد استعداد طهران لمواصلة محادثاتها مع المعارضة السورية بعد أن وصف اللقاء بينه وبين الخطيب ب "المثمر". يذكر أن الخطيب كان قد التقى أيضا برئيس الدبلوماسية الروسي سيرغي لافروف ضمن نفس المسعى لتذليل العقبات التي قد تقف في وجه أية عملية تفاوض مباشر بين الفرقاء السوريين. ولا يستبعد أن تكون زيارة نائب وزير الخارجية السوري فيصل مقداد، أمس، إلى الصين تدخل ضمن هذا الإطار، خاصة وأن بكين بقيت طيلة مدة الأزمة السورية على موقفها الرافض لكل فكرة تدعو إلى تنحية الرئيس الأسد بالقوة أو تحت أي شكل من أشكال الإكراه، ويعد وزير خارجيتها يانغ جيشي، الذي يلتقيه مقداد من أكبر المدافعين عن خيار تغليب الخيار السياسي لإنهاء الأزمة السورية. والمؤكد أن تصريحات رئيس ائتلاف المعارضة السورية لم تأت من فراغ، خاصة إذا ما عملنا أنه التقى جو بايدن، نائب الرئيس الأمريكي على هامش ندوة ميونيخ بعد لقاء مع لافروف، مما يؤكد بطريقة ضمنية أن الولاياتالمتحدة أذعنت هي الأخرى للأمر الواقع وقبلت فكرة التفاوض حتى وإن وضعت شروطها وألقت بثقلها الدبلوماسي من أجل ترجيح مقاربتها التي ما انفكت تروج لها للتمهيد برحيل الرئيس الأسد. وكان الأخضر الإبراهيمي المبعوث الدولي والعربي المشترك إلى سوريا قد انتهى إلى قناعة أن إنهاء المأساة السورية يمر حتما عبر اتفاق بين القوى الكبرى في إشارة واضحة إلى ضرورة إيجاد موسكو وواشنطن لأرضية توافقية بينهما حول الملف السوري وتغليب لغة التعقل على لغة المصالح الضيقة لكل منهما في هذا البلد الذي أكد بأنه يزداد تفككا من يوم لآخر.