رغم اقتراب موعد انتهاء آجال إجراءات مطابقة البنايات وإتمامها التي دخلت حيز التنفيذ في 2008، لا يزال الملف يراوح مكانه، حيث لم تتم معالجة سوى 8 بالمائة من مجموع الملفات البالغ عددها 1.7 مليون بناية تم إيداعها على مستوى البلديات، في الوقت الذي يطالب فيه مختصون بإبقاء آجال التسوية مفتوحة أو على الأقل تمديدها. فيما كشف مصدر من وزارة السكن والعمران، بأن أكثر من أربعة ملايين مسكن، غير مطابق للمعايير، الأمر الذي أدى بهذه الأخير إلى إصدار تعليمة وزارية وجهت لرؤساء المجالس الشعبية البلدية ومدراء التعمير والبناء، تهدف إلى حماية المواطن من الممارسات البيروقراطية. وتشير آخر الأرقام، إلى أن سبب هذا التأخر يعود إلى دراسة الملفات بوتيرة بطيئة جدا، وإلى الحصيلة الضئيلة للملفات التي تم قبولها مقارنة بالمودعة خلال ال4 سنوات ونصف الماضية، فضلا عن عدم تجاوب المواطنين بالعديد من الولايات، مع إجراءات التسوية التي ارتأت السلطات العمومية الشروع فيها للقضاء على مشكل البنايات غير المطابقة، وذلك إمّا إهمالا من المواطن أو بسبب جهله لقانون التسوية ونقص الإعلام والتحسيس، علما أنّ المستفيد الأول والرئيسي من هذه التدابير، هو صاحب البناية الذي سيتسنى له التصرف في ملكيته كما شاء بعد التسوية. كما أنّ تأخر تطبيق قانون التسوية كان بسبب تأخر تنصيب لجان التسوية الذي لم يتم إلا سنة 2010 . ويبرز المختصون أهمية تسوية الحظيرة الوطنية للسكنات والبنايات، من منظور ضرورة القضاء على العمران الفوضوي الذي يرجع أصله إلى البناء بدون رخص وبدون عقود، حيث يشمل كل المباني تقريبا التي تم بناؤها قبل سنة 2008، وخلال مرحلة ما بعد الاستقلال حسب عبد الحميد داود رئيس المجمع الوطني للخبراء والمهندسين المعماريين، الذي أكد ل«المساء" أنّ أغلب المباني والمدن والأحياء ومنشآت الدولة ومؤسساتها العمومية، كالمدارس والمستشفيات والجامعات والأحياء السكنية التابعة لدواوين الترقية والتسيير العقاري ومؤسسات ترقية السكن العائلي، أنجزت بدون رخص بناء وبدون ملكية عقارية وأحيانا فوق أراضي فلاحية، وعلى أراضي ملكا للغير، مما حال دون حصول المواطنين على عقود الملكية إلى غاية اليوم. ويؤكد المختص في العمران، أن القانون رقم 08 -15 الذي صدر في شهر أوت 2008، يخص وبدرجة واسعة كذلك مؤسسات عمومية وحكومية، حيث كشف رئيس المجمع الوطني للخبراء والمهندسين المعماريين في هذا الصدد، أن الوزارات لم تعط المثل للمواطن، حيث لم تقدم كل الملفات الخاصة بهياكلها ومنشأتها العمرانية المشوهة وبدون رخصة أمام لجان التسوية، مما دفع بكل من وزارة السكن ووزارة المالية ووزارة الداخلية، بإصدار قرار ما بين الوزارات السنة الماضية، يدعو كل الوزارات والمؤسسات ودواوين الترقية لوضع ملفات تسوية مبانيهم وعقاراتهم في أجل محدد، إلا أن هذه المؤسسات –حسبه- لم تسو وضعياتها العمرانية لحد الآن. وكشف في هذا الصدد، أن عدد الملفات الخاص بالمباني العمومية التابعة للوزارات لم تتعد 200 ملف فقط، تم إيداعها على مستوى مديرية العمران لولاية الجزائر العاصمة. من جهتها، ترى وزارة السكن والعمران على لسان أحد المسؤولين، أن إجراءات التسوية والمطابقة هذه التي دخلت حيز التنفيذ في شهر أوت 2008، لم تبن على إستراتيجية واضحة ومدروسة تضمن نجاح العملية في آجالها المحددة، أو على الأقل تسمح بتسوية نسبة مقبولة من الملفات العالقة، بالإضافة إلى التسرع في التطبيق دون تحضير المواطن، وتحسيس بأهمية العملية بالنسبة إليه وللبلاد. ووصف المتحدث في هذا السياق، الرقم المعلن، المتعلق بعدد الملفات المعالجة إلى حد الآن عبر الوطن، والمقدرة ب150 ألف ملف من بين 1.2 مليون بناية، أي بمعدل 77ملفا على مستوى كل بلدية، بالضعيف جدا، الأمر الذي يتطلب –حسبه- تمديد الآجال لتمكين المواطنين من تسوية وضعيتهم.
بلديات تشرع في التحسيس والمواطن يعتبرها خطوة متأخرة ولاستدراك الوقت الضائع وتحسبا لتحقيق المزيد من النتائج، شرعت بعض البلديات في حملات تحسيس وتوعية، لاطلاع المواطنين المعنيين على محتوى قانون التسوية وإقناعهم بضرورة إيداع ملفاتهم في أقرب الآجال، حيث سخرت عددا من الأعوان لهذا الغرض. ومن بينها بلدية الكاليتوس التي أوضح رئيس بلديتها أن القانون الذي يهدف إلى تسوية البناية والوعاء العقاري أيضا، يشمل بالكاليتوس حظيرة سكنية ب 5 آلاف بناية لم يتم إيداع ملفات بخصوصها إلا 1030 ملفا تم دراسته بنسبة 90 بالمائة. ومن المقرر أن تشرع باقي البلديات عبر الوطن، بحملات تحسيس مماثلة لفائدة المواطنين المعنيين بعملية المطابقة.
تعليمات لرؤساء البلديات والدوائر لتسهيل العملية وتفادي البيروقراطية وجهت تعليمة وزارية إلى رؤساء المجالس الشعبية البلدية ومدراء التعمير والبناء، تدعو هم إلى تسهيل عملية إيداع الملفات ودراستها، بغرض حماية المواطن من الممارسات البيروقراطية، كما تهدف إلى تحديد كيفيات إجراء عملية تسليم عقود التعمير من طرف السلطات المختصة في ظل احترام الأحكام التشريعية والتنظيمية السارية المفعول، وعلى وجه الخصوص، عمليات تسليم شهادة التعمير، رخصة البناء إلى جانب شهادة المطابقة. ويشمل محتوى هذه الإجراءات ووفقا للتعليمة الوزارية، ملف طلب المعني، كيفيات دراسته وأجل تسليم عقود التعمير، وعند الحاجة، شروط الطعن المرتبطة به أيضا، كون أن الإجراءات الجديدة تسمح بحماية الطالب سواء كان طبيعيا أو معنويا من الممارسات البيروقراطية، والتي من الممكن أن تعيق عمليات تسليم العقود في الآجال المحددة.