يعود كريستوفر روس الموفد الأممي الخاص إلى الصحراء الغربية الأربعاء القادم، في جولة إلى دول المنطقة بما فيها مخيمات اللاجئين الصحراويين تدوم إلى غاية الثالث من الشهر القادم ضمن مساع جديدة لحلحلة مسار السلام المتعثر لتسوية النزاع الصحراوي المغربي. وأكدت الأممالمتحدة أن روس سيعمل خلال هذه الجولة الجديدة على إيجاد أرضية توفقية بين طرفي النزاع من أجل الجلوس إلى طاولة مفاوضات مباشرة، على أمل التوصل إلى إيجاد "حل سياسي مقبول من الطرفين يفضي إلى تقرير مصير الشعب الصحراوي". وقال ادواردو دال بويي مساعد الناطق باسم الأممالمتحدة، أن روس سيجري محادثات مع السلطات المغربية والصحراوية وسيزور الصحراء الغربية ومخيمات اللاجئين قبل التوجه إلى الجزائر وموريتانيا بصفتهما دولتين ملاحظ في هذا النزاع . وقال المسؤول الأممي إن النزاع القائم حاليا في مالي ومخاطر حالة الااستقرار واللاأمن التي تعرفها منطقة الساحل تدفع إلى ضرورة التوصل إلى تسوية نهائية لنزاع الصحراء الغربية في أقرب الآجال. وكان روس الذي يئس من المواقف المغربية المتعنتة، أكد شهر نوفمبر الماضي أنه سيضع حدا لجولات المفاوضات غير المباشرة التي بدأها في جويلية 2009 والتي أعتقد أنها ستمكن من تحقيق تقارب في وجهات النظر تمهيدا لمفاوضات مباشرة، ولكنه تأكد بعد تسع جولات متلاحقة، أن هذا التكتيك التفاوضي استغلته المغرب لصالحها ضمن خطتها لربح الوقت والإبقاء على الوضع القائم خدمة لمصالح المخزن في نهب الثروات الطبيعية والخيرات البحرية الصحراوية. وقال كريستوفر بعد أن عاد إلى مهامه كمبعوث خاص إلى الصحراء الغربية، إنه سيعمل من الآن فصاعدا على تكثيف اتصالاته مع طرفي النزاع بهدف التوصل إلى أرضية توافقية لمفاوضات مباشرة. يذكر، أن السلطات المغربية سحبت في قرار مفاجئ العام الماضي ثقتها من روس بدعوى انحيازه إلى المواقف الصحراوية، ولكنها تراجعت عن موقفها ضمن انتكاسة أخرى لدبلوماسيتها التي ضمن خيبات متلاحقة تعرضت لها بسبب نزاع الصحراء الغربية، وبسبب فشلها في إقناع المجموعة الدولية بفكرة الحكم الذاتي التي أرادت أن تلتف بواسطته على مبدأ تقرير مصير الشعب الصحراوي. وكان قرارها بسحب ثقتها من كريستوفر روس أكبر هذه الانتكاسات عندما وجدت نفسها وحيدة في موقفها ولم تجد خيارا آخر للخروج من ورطتها سوى القبول بإعادة التعامل معه، بعد أن رفضت الأممالمتحدة والولايات المتحدة الانسياق وراء نزوتها. والأكثر من ذلك أن روس عاد بقوة بدليل الزيارة التي قام بها إلى مدينة العيون عاصمة الصحراء الغربية شهر نوفمبر الماضي في أول زيارة إلى المدينة، والتي كانت محرمة على أي أجنبي يمكن أن يكشف المستور المسكوت عنه وخاصة في مجال انتهاكات حقوق الإنسان التي تريد الرباط أن تتم بعيدا عن أعين الصحافة ونواب البرلمانات الدولية والمنظمات الحقوقية العالمية. والواقع أن قرار الرباط بعدم التعامل مع الموفد الأممي الخاص إلى الصحراء الغربية لم تكن موفقة، ولكن بسبب مضمون التقرير الذي أعده العام الماضي وسلمه الأمين العام الأممي بان كي مون إلى أعضاء مجلس مجلس الأمن الدولي نهاية أفريل 2012، والذي حمل فيه السلطات المغربية المسؤولية المباشرة في عرقلة كل خطوة باتجاه تسريع مسار تسوية آخر قضية استعمار في القارة الإفريقية. وطالب حينها بضرورة توسيع مهمة أعضاء بعثة "مينورسو" لتشمل مراقبة وضعية حقوق الإنسان تماما كما هو معمول به في كل قضايا النزاع في العالم، وهو ما لم يعجب الملك محمد السادس الذي قرر سحب الثقة منه في قرار لم يحسب تبعاته. ويعود روس هذه المرة وقد ازدادت وضعية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية تدهورا وسط حصار مطبق، عمدت الرباط إلى فرضه على المدن المحتلة ضمن خطة لكتم كل صوت صحراوي يريد الجهر بما يحدث من انتهاكات وتجاوزات ضد أدنى حقوق الإنسان في الصحراء الغربية. والمؤكد، أن روس الذي سيزور مدينة العيون سيقف على هذه الحقائق التي كرستها المحاكمة العسكرية لنشطاء مخيم (أكديم إزيك) والأحكام الجائرة التي صدرت في حقهم وفضحت زيف الادعاءات المغربية في احترام حقوق الإنسان الصحراوي بل وزادت الرباط عزلة دولية.