وصف السفير الصحراوي بالجزائر إبراهيم غالي التقرير الأخير الذي أعدّه المبعوث الشخصي إلى الصحراء الغربية كريستوفر روس، على ضوء جولته الأخيرة إلى المنطقة، ب "المحتشم إلى درجة أنه بارد"؛ كونه لم يتضمن إلحاحا قويا على ضرورة توسيع صلاحيات بعثة الأممالمتحدة إلى الصحراء الغربية من أجل تنظيم الاستفتاء "مينورسو"، ليشمل حماية ومراقبة والتقرير عن وضعية حقوق الإنسان داخل المدن الصحراوية المحتلة. وأعرب السفير الصحراوي في تصريح ل "المساء" أمس، عن أمله في أن تركز التوصية المقبلة لمجلس الأمن الدولي نهاية هذا الشهر، على موضوع وضعية حقوق الإنسان بكيفية تمنح من خلالها للبعثة الأممية صلاحيات القيام بمهمتها المرسلة من أجلها، وهي مراقبة وضعية حقوق الإنسان والتقرير عن كل انتهاكات تقترفها أجهزة الأمن المغربية في حق المواطنين الصحراويين. وقال إبراهيم غالي إن تقرير كريستوفر روس جاء تفصيليا، وتضمّن العديد من المعلومات حول حقيقة انتهاكات حقوق الإنسان في الجزء المحتل من الصحراء الغربية، ولكنه لم يكن بذلك الإلحاح الذي تستدعيه الوضعية الخطيرة التي يتخبط فيها سكان المناطق المحتلة. وأضاف الدبلوماسي الصحراوي أنه لدى تواجد روس بمدينة العيونالمحتلة، كانت النساء الصحراويات اللواتي خرجن في مظاهرات سلمية لإسماع صوتهن للمبعوث الأممي، يتعرضن للتنكيل على أيدي قوات الاحتلال المغربي، وهو ما دفع بالسفير الصحراوي إلى القول إنه كان من المفترض، على الأقل، أن يكتسي التقرير صبغة الإلحاح على مجلس الأمن الدولي، بأن يضيف للبعثة الأممية مهمة المراقبة والتقرير وحماية حقوق الإنسان. وقال إنه كان يجب أن يدرَج هذا المطلب بحدة، وإن الافتقاد لتلك الحدة جعل التقرير باردا. وأضاف أن هذا المطلب ليس مطلبا صحراويا فحسب بل هو مطلب حقوقي دولي، نادت ولاتزال تنادي به مختلف المنظمات الحقوقية الدولية التي أعدّت تقارير سوداوية حول وضعية حقوق الإنسان بالأراضي المحتلة، ودقت ناقوس الخطر من استمرارها. وبينما ذكر غالي بأن روس مدعوٌّ يوم الإثنين القادم لأن يشرح شفاهيا أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي مضمون تقريره ولماذا ركّز على هذا الجانب وأعطى الأولوية لهذه المسألة دون تلك، أعرب عن أمله في أن تُلزم التوصية الجديدة حول الصحراء الغربية المبعوث الأممي بالإسراع في التوصل إلى حل عادل وسلمي ودائم للنزاع طال أمده، يُحترم فيه حق تقرير المصير. وأكد على ضرورة التركيز على نقطتين أساسيتين؛ الأولى صيغة النزاع؛ باعتباره قضية تصفية استعمار واحتلال لا شرعي من طرف المملكة المغربية، والنقطة الثانية التي أكد عليها غالي، هي أن أي حل لا يأخذ بعين الاعتبار حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره واحترام إرادته، فهو حل فاشل. وعاد السفير الصحراوي للحديث عن الضجة الكبيرة التي كان أحدثها التقرير السابق؛ كونه وضع بعض الأمور في مكانها، وكانت كل التقارير الماضية قد تجاهلتها، وفي مقدمتها مسألة حقوق الإنسان. وفي هذا السياق، قال إن روس تمكن، العام الماضي، من التطرق إلى عديد الحقائق التي يعيشها الصحراويون في المدن المحتلة وأدرجها في ذلك التقرير رغم أنه تعرض لضغوط شديدة مارسها النظام المغربي بدعم من فرنسا الاستعمارية. وأضاف أن روس ورغم كل تلك الضغوط تفوّق في صراعه مع المغرب بعدما جدّد الأمين العام الأممي وكل المجموعة الدولية، ثقتهم فيه، وجعله ذلك يصر على التمسك ببرنامج زيارته، بالذهاب إلى المدن المحتلة، والتي كانت سببا في سحب المغرب الثقة منه، بل وأكد أن هذا الأخير الذي كشف عن رغبته في القيام بجولة أو جولتين أخريين إلى المنطقة، غيّر من طريقة تعامله في الفترة الأخيرة، وانتهج أسلوبا متوازنا مع طرفي الصراع بعدما منح لكل من المغرب والأراضي المحتلة نفس الفترة الزمنية لزيارته، وهو ما جعل غالي يعتبر أن روس تعامل هذه المرة مع الصحراء الغربيةالمحتلة وكأنها دولة مستقلة. وأكثر من ذلك، فقد أكد أن روس يكتشف في كل مرة يعود فيها إلى المنطقة، المزيد من الحقائق، وتتسع دائرة محادثته مع المواطنين الصحراويين، وهو ما سيجعله يلمس حقيقة نزاع يتعلق بقضية تصفية استعمار، وبشعب محتل يناضل ويكافح من أجل بلوغ حقه المشروع في تقرير مصيره والاستقلال. وفي سؤال حول مسار المفاوضات وموعد استئنافها قال السفير الصحراوي إنه من السابق لأوانه الحديث عن موعد جديد للمفاوضات المباشرة، موضحا أن روس مطالَب بجمع الطرفين للتفاوض ليس من أجل التفاوض وإنما من أجل إحراز تقدم باتجاه تطبيق الشرعية الدولية في قضية تبقى تشكل آخر مسألة تصفية استعمار في القارة الإفريقية.