شهدت السنوات الأخيرة إقبالا معتبرا من طرف الجزائريات لقيادة السيارات أو لاقتنائها، ليصبح مظهر المرأة السائقة عاديا جدا، لاسيما في المدن الكبرى... هذا الإقبال الذي فرضته عوامل متعددة مختلفة في خلفياتها وفي أهدافها، اخلط أوراق الرجال الذين اختلفت ردود أفعالهم بخصوص هذا التحول الذي عرفه المجتمع وفرضته النساء، بين مؤيد بل ومتحمس لاقتحام المرأة عالم السيارات، ومتحفظ يرى في ارتفاع عدد النساء السائقات أمرا غير مرغوب فيه، ومعارض تماما لقيادة المرأة لسيارتها أو سيارة أبيها أو أخيها أو زوجها. وكما هو الحال بالنسبة لأي "ظاهرة" جديدة"، فإن تزايد النساء السائقات خلف تعليقات وأحدث نقاشا، باعتبار أن الأمر لم يتم النظر إليه كتطور عاد لمجتمع يتحرك، بل تم من باب الاختلاف بين الجنسين. ويرى البعض أن إقبال النساء على القيادة مرده عوامل عدة، كالاستقلال المالي الذي تولد مع خروج المرأة للعمل، وصعوبة المواصلات في المدن الكبرى وعدم رقيها إلى المستوى المطلوب من الجميع، في انتظار انتهاء انجاز المشاريع المبرمجة في هذا القطاع كالميترو بالعاصمة والترامواي بعدد من المدن الرئيسية، إضافة إلى عوامل ذاتية كحب القيادة و"المعاندة" التي تراها الكثيرات سببا مباشرا وراء اقتناء سيارة، اقتداء بالصديقة أو الجارة أو الزميلة التي اشترت سيارة. لكن بعض الرجال ممن لا يحبذون فكرة انتشار قيادة المرأة للسيارة، لا يتوانون عن توجيه انتقادات لاذعة إليها واتهامها بأشياء أحيانا يمكن وصفها بالأمور غير المعقولة، كالقول أنها السبب في الازدحام الحاصل في الطرق... أو أنها السبب غير المباشر في حوادث المرور لأنها لا تحسن القيادة... كما لا يتردد البعض الآخر في الجزم بأن قدرات المرأة في القيادة أقل بكثير من الرجل وأن الأمر يتعلق بطبيعتها، رغم أن الكثير يقرون بأن عدد النساء اللواتي يرتكبن أخطاء أو يتسببن في حوادث مرور خطيرة، قليل جدا... فما حقيقة كل هذه الادعاءات، ولماذا هذا الانحياز إلى الرجل عندما يتعلق الأمر بعالم السيارات، وهل كل هذا مرده "غيرة" من مزاحمة المرأة للرجل في سيارة، كثيرا ما اعتبرها ك"الحبيبة" التي يتقن هو وحده فن التعامل معها؟ من خلال هذا الملف نحاول الإجابة عن هذه التساؤلات والاقتراب أكثر من حقيقة علاقة المرأة بالسيارة، عبر استعراض آراء جهات تتعامل بصفة مباشرة ويومية مع "المرأة السائقة"، وهي بذلك أقرب إلى إعطاء الحقيقة الأقرب إلى الواقع، دون إغفال رأي المرأة السائقة ذاته وطبعا رأي غريمها الرجل.