نساء في قفص الاتهام بعرقلة السير في الطرقات ولم يتوقف الأمر عند السياقة فقط بل تعدّاه إلى ممارسة مهنة سائق سيارة الأجرة والحافلات وحتى الشاحنات وغيرها. حيث كانت في سنوات الثمانينات وحتى التسعينات حكرا على الرجال فقط، وها هي المرأة خلال السنوات الأخيرة تخطو خطواتها نحو ممارسة السياقة على أوسع نطاق، وفي هذا السياق، فقد أثبتت الإحصائيات الأخيرة ارتفاعا محسوسا فما يتعلق بالنساء الحاملات للبطاقات الرمادية، واللواتي اقتحمن عالم السياقة حتى أضحت مختلف شوارع المدن الجزائرية الكبرى والصغرى ومختلف الطرق تعج بالسائقات الجدد، أغلبهن بسيارت تحمل علامة "80" وغيرهن ممن اتخذن السياقة كمهنة للاسترزاق منها، حيث شهدت بلادنا، مؤخرا، سيارات أجرة وحافلات عمومية تقودها أيادي الجنس اللطيف بالرغم من أنها قد تعتبر عند البعض وفي المعايير العامة مهنة شاقة ومحفوفة بالمخاطر المختلفة. "سمية" والتي تملك سيارة بعد حصولها على رخصة، مؤخرا، أكدت لنا أن الطفرة النوعية التي تشهدها الطرق الجزائرية بكثرة النساء السائقات، وهذا ما أكده "رابح" والذي كشف لنا بأن إقبال النساء على سياقة السيارات وكسب رخص السياقة في ازدياد ملفت مقارنة بالعشريات السابقة، وفي مختلف الولايات الداخلية والتي كانت تعتبر جد محافظة مقارنة بولايات أخرى. وحقيقة، تجدر الإشارة إلى أن مدارس تعليم السياقة تشهد إقبالا معتبرا من طرف فئة النساء، فالمرأة الجزائرية لم تعد تكتفي بتدبير شؤون البيت أو الخياطة أو التعليم... فقد دفعها ووجهها طموحها الجموح إلى تخطي عديد العقبات وتجاوز المنعطفات الخطرة والضغط على مكابح السيارة وممارسة القيادة بجدارة لحاجات متعددة اختلفت بحسب الظروف الاجتماعية أو الاقتصادية، كما كان حال السيدة "ف"، والتي فاجأتنا بتوقفها لكي تقلنا من ساحة أول ماي باتجاه رويسو باعتبارها "كلونديستان" والتي كشفت لنا بأن الخبزة والبحث عن الرزق الحلال هو ما دفعها لهذه العملية، أو حتى من أجل تحقيق الشعور بالمتعة خاصة بالنسبة للشابات والمراهقات. ومن جهة أخرى، تظل السياقة بالنسبة للكثيرات ضرورة ملحة لما للسيارة من منافع في تسهيل عملية التنقل، والإتيان بالأولاد من المدرسة أو الروضة أو التنقل بهم في عطل نهاية الأسبوع أو الزيارات العائلية للأقارب والأحباب، واختزال المسافات الأمر الذي يخفف من مسؤوليات ربة البيت. وبينما تثبت عديد من الأبحاث الاجتماعية أن النساء هن أكثر رزانة من الرجال فيما يخص القيادة، حيث يتصف الرجال بالتهور والغرور وحب الاستعراض والتعامل مع المكابح والفرامل بقوة تنم عن عدوانية، فبالمقابل نجد النساء أكثر تعقلا واحتراما لقوانين المرور في الغالب، ومراعيات كل شروط السياقة بما في ذلك التأني وتفادي السرعة الفائقة والتجاوزات التي هي من شأن الرجال لأنهم أكثر ثقة من أنفسهم وراء المقود، وهذا يدفع الرجال إلى ارتكاب حوادث المرور أكثر من النساء بالرغم من مهارة الكثيرين من الرجال في ميدان السياقة، غير أن معظمهم يغضبون لأتفه الأسباب ناهيك عن عدم التروي في التعامل مع الوضع والإشمئزاز من الاكتظاظ والازدحام ومحاولة التجاوز بكل الطرق ودون الخوف من وقوع حادث بفعل السرعة. في حين تصمد عديد النساء في مواجهة المواقف الحرجة للسياقة اليومية بسبب سياقتهن التي قد يعتبرها البعض حذرة فوق الضروري لتفادي أي مفاجأة غير سارة، هذا الذي اعتبرته "حنان" نوعا من الحرص الشديد والمسؤولية الضرورية اتجاه متطلبات السير.