احتضنت ساحة المكتبة الوطنية بالحامة، بداية الأسبوع الجاري، الطبعة السابعة لصالون الموارد البشرية والتوظيف ”مواهب وتشغيل”. هذا الصالون الذي تنتظره شريحة واسعة من الشباب المتطلع لمنصب شغل، هو أيضا فرصة للمؤسسات يهدف إلى دعم مواردها البشرية من خلال عمليات التوظيف المباشرة، أو دعم رأسمالها البشري سواء من ذوي الكفاءة المهنية أو المتخرجين الجدد. شاركت أزيد من خمسين مؤسسة وطنية وأجنبية في فعاليات صالون التشغيل، واستقطبت مئات الزائرين الشباب من طالبي الوظائف، سواء الباحثين عن فرصة عمل أفضل أو أصحاب الشهادات من المتطلعين لمنصب عمل، يدخلون به عالم الشغل. «المساء” تحدثت إلى بعض الشباب في الصالون، إذ قال عبد الرؤوف حميدة الذي يبلغ من العمر 30 سنة؛ إنه لم يسبق له وأن تردد على مثل هذا الصالون، ”وبسبب كثرة حديث الشباب عن ارتفاع نسبة الحصول على فرصة عمل من خلال المؤسسات المشاركة، قررت المجيء، وأنا هنا لأبحث عن فرصة عمل أفضل، فقد تخرجت من جامعة دالي إبراهيم، تخصص علوم التسيير سنة 2003، وجربت كل آليات التشغيل المتاحة، منها عقد ما قبل التشغيل، العمل عند الخواص وحتى في مؤسسة عمومية، وخلاصة القول؛ إنني تعبت كثيرا بتنقلي من وظيفة لأخرى بسبب ضعف المقابل المادي، واليوم، بعد اكتسابي لخبرة مهنية أتطلع لفرصة عمل أفضل”، يقول عبد الرؤوف، فيما يشير زميله محمد قيشح، صاحب ال 27 سنة والمتخرج من جامعة البليدة، تخصص الإليكترونيك، إلى أن ”الصالون يمنح فرصا أكبر لشاب مثلي في إيجاد عمل يتوافق مع تخصصي، فالجامعة الجزائرية عموما تقدم تكوينات نظرية بعيدة عن التطبيق تماما، مما يجعلنا لا نوفّق في إيجاد فرص عمل تتماشى مع تخصصاتنا الدراسية بعد التخرج، ونتفاجأ كذلك بطلبات التوظيف المرتكزة على سنوات الخبرة، فمن أين لنا بالخبرة؟، يتساءل محمد في معرض حديثه، لنتلقى الجواب على لسان رضوان مسعود، ابن ال 28 سنة، والمتخرج من معهد الترجمة بجامعة الجزائر عام 2009، الذي اعتبر أن ”طلب الخبرة من طالبي الشغل الجدد إعاقة، فبالإضافة إلى المحسوبية أو ”المَعْريفة” التي يُعتَمَدُ عليها كثيرا، للأسف، في منح فرص العمل للشباب على حساب الشهادة، نتفاجأ بطلب خبرة سنتين على الأقل، لذلك، أعتقد أن فرص العمل أمام الشباب ضئيلة إذا بقيت الأمور على حالها، فالأجدر أن تعمد المؤسسة الراغبة في التوظيف القيام باختبارات على مستواها، تقيّم من خلالها طالب الشغل، فإذا كان متخرجا جديدا، يمكنها أن تجري له اختبارا ثانيا أو حتى تكوينا مكثفا قبيل التوظيف”، ويضيف رضوان بالقول: ”الإشكال المطروح اليوم، يتمحور حول غياب التنسيق بين الجامعة وأرباب العمل، لذلك أعتقد أن صالونا مثل هذا وإن كان يمنح فرصا للعمل، فإن المحظوظ، فقط، هو من يتحصل على وظيفة تتماشى مع تطلعاته”. في سياق متصل، ترى زينب خليف، بنت ال 23 ربيعا، والمتخرجة السنة المنصرمة من كلية الحقوق، أن صالون التشغيل بعيد عن تلبية كل الطلبات، بالنظر إلى كثرة الطلب مقارنة بالعرض، ”فبالنسبة لتخصصي، هناك آلاف المتخرجين الجدد الآملين في فرصة عمل بمؤسسة كمستشار قانوني، ولكن الطلب في هذه المؤسسة أو تلك لا يتعدى حدود المنصب الواحد، فلمن سيبتسم الحظ؟ لا ندري”، تتساءل زينب، ثم تضيف؛ ”أعتقد أن هذا الصالون يقدم إشهارا مجانيا للمؤسسات الاقتصادية والتجارية، أكثر من مناصب شغل للشباب”. ولكن الأمر لا يبدو كذلك، تقول السيدة أمينة قبطان، مسؤولة التشغيل بمؤسسة ”حَلْقُرب أر أش”، والتي تدعو الشباب إلى طرق كل الأبواب، والاستمرار في الاطلاع على جديد المعارض المتخصصة وصالونات ممثالة، ”لأنها تعتبر فرصة ذهبية حقيقية تجمع بين مانحي العمل وطالبيها، الجديد فيها هو ازدياد عدد المؤسسات الوسيطة بين الطرفين، مثل مؤسستنا التي يصل عدد طلبات الوظائف على مستواها إلى تسعة آلاف طلب في السنة، يتم دراستها، ثم يوجه أصحابها حسب السيرة الذاتية نحو المناصب المقترحة لهذه المؤسسة أو تلك”، تقول المتحدثة، مضيفة أن ثمة نوعين من طالبي العمل؛ ”الجينيور” ونقصد بهم المتخرجين الجدد، و«السينيور” الذين يملكون خبرات عمل لسنوات معينة، هؤلاء يمثلون أكبر نسبة طلب من طرف المؤسسات، «لكن هذا لا يعني أن المتخرجين الجدد لا يملكون فرص عمل، وإنما هم مطالوبون خاصة في مجال الإدارة، كمساعدين إداريين، السكريتارية، مندوبين تجاريين وحتى مهندسين في الإعلام الآلي”. من جهته، يقول السيد نسيم نعمار، مسؤول الموارد البشرية بالمؤسسة الهولندية للأجبان ”فريكو” المشاركة في الصالون: إن طرق التوظيف في الجزائر تغيرت، ففي الوقت الماضي، كان يُعتمد في التوظيف على عدد المناصب الشاغرة، بينما أصبح اليوم يرتكز على اختيار الكفاءات، ”لذا، نشارك حاليا بحثا عن الطاقات الشبانية الجديدة، وهذا في ظل غياب دليل مرجعي للكفاءات في الجزائر، ونحن كمؤسسة متخصصة نستهدف الكفاءات، ومثل هذا الصالون يضمن لنا ذلك، ودعوتنا للشباب اليوم ألا يفقدوا الأمل وإنما يركزون اهتمامهم على البحث عن تطوير أنفسهم بالتكوين المتخصص الذي أصبح متاحا في شتى الميادين”. جدير بالإشارة إلى أن صالون الموارد البشرية والتوظيف يعتبره البعض فضاء للإجابة على التطلعات العديدة للمؤسسات في مجال رأس المال البشري، وكذا المترشحين سواء كانوا إطارات في البحث عن انتقال مهني أو متحصلين جدد على شهادات. وفيما احتضنت العاصمة الطبعة السابعة للصالون، فإنه من المنتظر تنظيم الطبعتين ال8 وال9 لهذا الصالون على التوالي يومي 21 و22 سبتمبر بوهران، ويومي 7 و8 ديسمبر بقسنطينة.