دعا متدخلون، أمس، خلال اليوم البرلماني حول محاربة الإدمان والمخدرات، نظم بالمجلس الشعبي الوطني، إلى ضرورة إنشاء لجنة مشتركة تضم عدة قطاعات لتطويق الانتشار الرهيب لآفة المخدرات التي تشير المعطيات بشأنها إلى أنها في تزايد سنة بعد أخرى، مع توجيه دعوة خاصة لوسائل الإعلام لرمي ثقلها في المجال التوعوي والوقاية من إدمان كل أنواع المخدرات. قال السيد صلاح الدين بورزاڤ، رئيس لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية والعمل والتكوين المهني بالمجلس الشعبي الوطني، في كلمته الافتتاحية، أمس، أن موضوع إدمان المخدرات يكتسي أهمية كبيرة لأنه يؤثر على المجتمع والشباب والأمن القومي، "فالمخدرات ظاهرة عالمية عابرة للحدود ومسؤولية يتقاسم محاربتها الجميع وليس الأمن فقط، ونعتقد أنه آن الأوان اليوم لبلورة استراتيجية عمل جوارية أكثر فعالية، تتضافر فيها جهود كافة القطاعات دون استثناء بما فيها الأمن والدرك الوطنيين، الشبيبة والرياضة، التضامن والأسرة، الصحة والعمل ومؤسسات المجتمع المدني"، يقول السيد بورزاڤ الذي لفت الانتباه بمناسبة اليوم البرلماني إلى "أهمية التعامل مع المدمن كشخص مريض مكانه الصحيح المستشفى لتلقي العلاج ولا ينبغي معاملته كمجرم يوضع في المؤسسة العقابية". وتشير معطيات الدرك الوطني إلى أن شساعة البلاد وموقعها الاستراتيجي المطل على حوض المتوسط، يجعلها مركز عبور للمخدرات بأنواعها من دول إفريقيا جنوب الصحراء إلى دول أوروبا، وبعد أن كانت الجزائر مركز عبور، أصبحت اليوم مركز عبور وبلدا مستهلكا، وقد اتخذت ظاهرة الاتجار بالمخدرات عبر الحدود بعدا خطيرا، حسبما أشار إليه المقدم محمد بن شهاب في مداخلته، مؤكدا أن انتشار المخدرات في المجتمع، في السنوات الأخيرة، قد عرف تزايدا مطردا". وبلغة الأرقام، حجزت مصالح الدرك الوطني، خلال عام 2012، كمية قرت ب72 ألف طن من القنب الهندي، و165 كلغ من الكوكايين مع استرجاع 900 كلغ من السموم لفظتها أمواج البحر في 11 ولاية ساحلية، فيما يمثل إدمان الأقراص المهلوسة 3147 قضية أي بنسبة 59% من جملة القضايا المعالجة خلال نفس السنة، ووصلت الكمية المحجوزة خلال الثلاثي الأول من 2013 إلى 13 طنا من مادة الكيف المعالج، تم بموجبها معالجة 963 قضية مع إيقاف 1531 شخصا. كما تشير أرقام الدرك الوطني للسنة المنصرمة إلى أن قضايا استهلاك المخدرات بلغت 2334 قضية، من بين الموقوفين 50 امرأة، أما قضايا الاتجار بالمخدرات فبلغ عددها 569 قضية وتوقيف 23 امرأة، ويصل عدد قضايا استهلاك المؤثرات العقلية المعالجة إلى 190 قضية، من الموقوفين فيها 05 نساء، أما قضايا الاتجار بالمؤثرات فبلغ عددها 42 قضية تورط فيها 107 أشخاص منهم 04 نساء، وهو ما يعني إجمالا أن المتاجرة وحيازة واستهلاك المخدرات لم تستثن العنصر النسوي ولا حتى القصر ذلك أن 2.82% من نسبة المتورطين في قضايا المخدرات أطفال دون 18 سنة. هذا الواقع المقلق أدى بمصالح الدرك الوطني إلى تكثيف نشاطاتها الجوارية التحسيسية منذ 2007. ويشير المقدم محمد بن شهاب إلى أن "تنامي الظاهرة مع شساعة حدود الجزائر أدى بمصالحنا إلى إقحام كل التشكيلات الأخرى في عملية المكافحة، بما في ذلك وحدات حرس الحدود، سرايا أمن الطرقات ووحدات حفظ النظام وهذا لمراقبة وحفظ النظام والأمن للأشخاص والممتلكات". من جهته، رفع المحامي ميهوب ميهوبي توصيات عدة من بينها دعوة الهيئة التشريعية إلى تطوير التشريع الوطني بما يتماشى مع التطورات المذهلة التي يعرفها المشهد العالمي في مجال صناعة المخدرات والاتجار بها، وأشار في مداخلته إلى الفراغ القانوني الموجود اليوم من حيث التعريف المضبوط للمخدرات، فالقانون الجزائري يعرف المخدرات وفقا للتعريف العلمي والقانوني الصادر عن اتفاقية الأممالمتحدة لمنع الاتجار بالمخدرات الصادر في 1961، وقد حاول الاجتهاد القضائي في الجزائر ملء الفراغ حول ضبط مفهوم صحيح للمخدرات ولكنه مجهود فردي يتعلق بمجالات ظرفية لا غير، وعليه، لا بد من تحيين النصوص التشريعية بما يتماشى والتطورات الكبيرة التي يشهدها المجتمع، كما أننا نشير إلى أن التدابير العلاجية والوقائية في القانون 18.04 الصادر في أفريل 2004 ومواده الست، يتعلق فقط بإجراءات المرافقة التي تمنع المتابعة القضائية في حالة علاج المدمن، وكان من الأجدر الحديث عن الوقاية التي ليس لها أثر في هذا القانون الذي يرمي بمسؤولية الوقاية لمصالح أخرى، رغم أن الواقع يشير إلى أن الوقاية من المخدرات ومكافحتها تستوجب تنسيق جميع الأطراف واعتبار المدمن مريضا لا بد من معالجته وليس مجرما يوضع في السجن"، يقول المحامي مطالبا بتعبئة شاملة لتعميق الوعي بجدية الآفة والتصدي لها بالأساليب اللازمة المرتكزة على الوقاية وتقديم العلاج للمدمنين. جدير بالإشارة إلى أن 230 مليون شخص في العالم يستهلكون المخدرات أي 5 % من نسبة البالغين من سكان المعمورة، أما بعض الأوساط العلمية فتشير إلى أن عدد المدمنين في الجزائر يصل إلى 300 ألف مدمن.