أشرف الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، السيد عبد المالك قنايزية، أمس، على حفل تخرج الدفعة الأربعين للضباط المهندسين من المدرسة العسكرية متعددة التقنيات ببرج البحري بالعاصمة، بحضور وزير البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، السيد موسى بن حمادي، وإطارات سامية في الجيش الوطني الشعبي. وتضم الدفعة المتخرجة 188 مهندسا موزعين على أربعة فروع، تشمل الهندسة الكهربائية والهندسة الميكانيكية والإعلام الآلي والكيمياء، أدوا بمناسبة استكمالهم التكوين يمين القسم وسلموا علم المدرسة للدفعة الموالية لهم في التكوين. وقبل ذلك، قام الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني بتفتيش تشكيلات المدرسة، ليشرف بعدها رفقة قائد المدرسة، العميد محمد نجيب عمارة، وعدد من إطارات الجيش الوطني الشعبي على تقليد الرتب وتسليم الشهادات للمتفوقين الأوائل الذين تلقوا بالمناسبة تكريم رئيس الجمهورية بمناسبة الذكرى الخمسين للاستقلال. وضمت الدفعة التي حملت اسم الشهيد رماش محمد الطاهر طلبة من دولتي مالي والكونغو، كما شارك في حفل التخرج طلبة ضباط من ليبيا وذلك في إطار التحضير لبرنامج تعاون بين البلدين في مجال التكوين.وحسب العميد عمارة قائد المدرسة العسكرية متعددة التقنيات، فإن الدفعة الأربعين المتخرجة أمس ترفع التعداد الإجمالي للمهندسين المتخرجين من المدرسة منذ نشأتها إلى 3906 مهندسين. وأبرز المتحدث في كلمته الترحيبية الطابع المتميز لحفل تخرج الدفعة الأربعين، الذي يرمز إلى ارتقاء المدرسة إلى مرحلة النضج نتيجة اكتسابها لخبرة معترف بها في تكوين الإطارات العلمية ذات المستوى الرفيع، مستشهدا في ذلك بعزم القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي على تحويل المدرسة إلى قطب مركزي لتكوين المهندسين العسكريين. كما اعتبر العميد عمارة الدفعة الأربعين ثمرة مشروع بيداغوجي متكامل يهدف إلى تكوين ضباط مهندسين في الجوانب العلمية العسكرية والإنسانية، موضحا بأن هذا المشروع البيداغوجي القائم على تعليم علمي متعدد التقنيات، يعمل على تكريس ثقافة علمية متينة في أذهان الطلبة المهندسين، كما يلقنهم المعارف التكنولوجية ذات الطابع البيني خاصة، والمعارف المرتبطة بالتطبيقات العسكرية، ويجعلهم يتحلون بروح التفتح للبحث العلمي والابتكار التكنولوجي، ويمنحهم الخبرة في صياغة النماذج واستعمال أدوات الحساب العلمي. وأشار في سياق متصل إلى أنه فضلا عن التعليم العلمي والتقني فإن الطلبة المتكونين بالمدرسة يتلقون تكوينا عسكريا وتحضيرا بدنيا يكتسبون من خلالهما القدرات المهنية اللازمة لآداء مهامهم في كل الظروف.
المدرسة توسع تخصصاتها وترفع عدد طلبتها العام المقبل وكشف قائد المدرسة بالمناسبة عن مشروع بيداغوجي جديد تعتزم المدرسة إطلاقه بداية من السنة القادمة، طبقا لتوجيهات القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي ومراعاة للتطورات الكبيرة التي تعرفها القوات المسلحة من حيث التجهيز والتسلح، مشيرا إلى أن هذا المشروع يشمل توسيع دائرة الاختصاصات في مجال الأنظمة الأوبتوالكترونية (التصوير الالكتروني)، تقنيات التوجيه وقيادة الصواريخ، أمن الشبكات المعلوماتية وغيرها من الاختصاصات المتقدمة. كما يتضمن المشروع الجديد أيضا إدخال دروس تطبيقية حول التكنولوجيات العسكرية، والرفع من عدد الطلبة المهندسين تلبية للاحتياجات المتزايدة لمختلف هياكل الجيش الوطني الشعبي، فضلا عن تكييف برامج التكوين مع المنظومة الوطنية للتعليم العالي (ليسانس- ماستر- دكتوراه)، حيث تشرع المدرسة في هذا الإطار في تمكين طلبتها من الحصول على شهادة الماستر في مجال البحث وهذا بالموازاة مع شهادة مهندس. وبالمناسبة، أبرز العميد عمارة في كلمته الدور الأساسي للإطارات العسكرية من المهندسين في رفع تحديات التطورات التكنولوجية، مشددا على أن التحولات الجيواستراتيجية التي يعرفها محيطنا الاقليمي ونجم عنها نشوب صراعات جديدة وبروز تهديدات على الأمن الوطني، تفرض على القوات المسلحة الجزائرية تعبئة كافة قدراتها الدفاعية والعمل على عصرنة أنظمة أسلحتها والسهر على جاهزيتها وفاعليتها الدائمة. ولدى تطرقه إلى حرص المدرسة على ضمان نوعية وجودة تكوين المهندس بالاستناد إلى البحث العلمي، أشار العميد إلى أن التكوين فيما بعد التدرج بالمدرسة، عرف نشاطا مكثفا خلال العام الجاري توج بتخرج 12 إطارا حاملا لشهادة ما بعد التدرج المتخصص و55 متحصلا على شهادة ماجستير و19 دكتورا في العلوم، موضحا بأن المدرسة تعمل على توجيه محاور أبحاثها العلمية نحو المواضيع ذات الخصوصية العسكرية وخاصة في مجال المواد الطاقوية وأنظمة الرادار ووسائل المراقبة والكشف والتشفير الرقمي وتقنيات صياغة النماذج والمحاكاة، فضلا عن مجال المحاكاة الرقمية لميدان المعركة والذي يعتبر ميدانا جديدا يهم بالدرجة الأولى الوحدات القتالية، وتم بمناسبة المعرض الذي انتظم على هامش الحفل عرض مختلف المشاريع الابتكارية التي أنجزها طلبة المدرسة. ولإبراز حيوية نشاط البحث العلمي بالمدرسة العسكرية متعددة التقنيات، ذكر العميد عمارة بمساهمة مخابر المدرسة في تطوير برنامج المشاريع الوطنية للبحث العلمي الذي تشرف عليه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وذلك بتسجيل 26 مشروعا ابتكاريا، كما تحظى المدرسة بسمعة راقية على المستوى الدولي بفضل تميز إنتاجها العلمي، والذي أكسبها اعتراف العديد من الدول الشقيقة والصديقة، وقد دعيت المدرسة مؤخرا للمساهمة بإطاراتها وبخبرتها لمساعدة دولة شقيقة في إطار التعاون العسكري الثنائي على تأسيس مدرسة عليا لتكوين المهندسين. للإشارة، فإن الشهيد رماش محمد الطاهر المدعو عمي صالح والذي حملت الدفعة الأربعين للضباط المهندسين اسمه، ولد في سنة 1914 بمشتة العناب بولاية ميلة، وكان من أوائل المنخرطين في العمل السياسي منذ 1954، والتحق بصفوف جيش التحرير الوطني منذ البداية حيث عين سنة 1955 على رأس فرقة من المسبلين، وقد شارك ”عمي صالح” في العديد من العمليات التي وقعت في الناحية التي ينتمي إليها، وبعد التنظيم الجديد للثورة انتقل رفقة مجموعته إلى المنطقة الاولى من الولاية الثانية بدوار ”أراس”، حيث رقي إلى قائد فصيلة ثم إلى نائب مقتصد بالقسم الثالث بالناحية الثالثة بنفس المنطقة، واستشهد في 1960 في معركة غير متكافئة مع العدو المستعمر أثناء قيامه بإحدى المهمات التفتيشية بالمنطقة.