كشف الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني أمس، عن الخطوط العريضة للسياسة الخارجية لبلاده، عندما أكد أنه سينتهج سياسة وفاق بنّاءة مع كل العالم، ولكنه قرنها بالدفاع عن حقوق إيران الثابتة. وقطع الرئيس الإيراني الشك باليقين، بأن فوزه بمقعد الرئاسة الإيرانية لا يعني أبدا التخلي عن التوجهات العامة للسياسة الخارجية الإيرانية، وقال إن ”الاعتدال في أية سياسة خارجية لا يعني أبدا الاستسلام ولا يعني أيضا المواجهة والخصام بقدر ما يعني وفاقا بنّاءً وعمليا مع دول العالم الأخرى. وجاءت تصريحات الرئيس الإيراني الجديد للرد على التخمينات والتحاليل التي صاحبت انتخابه رئيسا للبلاد، وكمرشح معتدل مقارنة بمنافسيه المحافظين. وذهبت بعض هذه التحاليل إلى حد التأكيد على أن إيران ستنتهج سياسة خارجية أكثر اعتدالا من تلك التي انتهجها سابقه المحافظ محمود أحمدي نجاد؛ في إشارة إلى احتمال تبنّي الرئيس روحاني لسياسة تذهب في اتجاه المطالب الغربية بوقف البرنامج النووي لهذا البلد، والذي بقي محل جدل منذ أكثر من عقد، وهو ما فهمه الوافد الجديد على القصر الرئاسي في العاصمة طهران، بأن بعض الدوائر الغربية ترشحه لأن يكون أكثر ليونة في مواقفه بخصوص هذا الملف، والذي شكّل مصدر خلاف حاد بين إيران والدول الغربية، التي تصرّ على وقفه ولجأت لأجل ذلك إلى شتى أنواع العقوبات الاقتصادية والمالية، لدفع طهران إلى العدول عن برنامجها النووي؛ بدعوى أنه يخفي نوايا عسكرية رغم نفي الحكومات الإيرانية المتعاقبة لمثل هذه المزاعم. وقال الرئيس روحاني إن الخطاب المعتدل والواقعية السياسية يبقيان قاعدة في الممارسة دون أن نحيد عن قيم ومبادئ الجمهورية الإسلامية، ”وإن كل مفاوضات مع الآخرين يجب أن تتم على أساس المساواة والاحترام المتبادَل والمصالح المشتركة”. ولكن الرئيس الإيراني لم يفوّت فرصة أول خطاب يلقيه منذ انتخابه في 14 جوان الجاري، ليؤكد أن هذه السياسة يجب أن تتم في إطار حقوق الأمة الإيرانية، في تأكيد واضح على أحقية بلاده في امتلاك التكنولوجيا النووية لأغراض سلمية وبما يراعي البعد الحضاري لإيران، والذي يسهر مرشد الجمهورية على تحديد إطاره العام، وهو ما يعني أن موقف السلطات الإيرانية الجديدة من مسألة البرنامج النووي، باقٍ، وكل تغيير في المواقف سيمس فقط الجوانب التكتيكية في إدارة المفاوضات مع الدول الغربية ضمن ما يُعرف بمجموعة ”خمسة زائد واحد”، التي تتفاوض مع طهران في محاولة لإقناعها بالعدول عن مواصلة أبحاثها النووية؛ الأمر الذي رفضته هذه الأخيرة بقناعة أن ذلك حقها الذي لا محيد عنه رغم العقوبات التي فُرضت على اقتصادها والإجراءات الزجرية التي مست الكثير من المسؤولين الإيرانيين.