لاحظنا خلال تجوالنا ليلا في بعض شوارع مدينة وهران، بعد مرور الأسبوع الأول من شهر رمضان المعظم، اكتظاظ المحلات التجارية، الحدائق والمتنزهات التي أضحت قبلة للعائلات الوهرانية التي تبحث عن الراحة والترويح على النفس في هذا الجو الحار نسبيا، خاصة بعد دخول “الترامواي” حيز الخدمة، مما ساهم في تقريب المسافات بين الأحياء، وتقليص مشاق العثور على وسيلة نقل للعودة إلى البيت في ساعة متأخرة. محلات بيع المثلجات المتواجد بمختلف أحياء وشوارع وسط المدينة شهدت انتعاشا كبيرا في تجارتها، نظرا للعدد الكبير من المواطنين الذين يقبلون عليها، فعلى طول شارع الأمير عبد القادر بوسط المدينة ظل المشهد نفسه، زبائن فرادى وجماعات من مختلف الأعمار أخذوا أماكنهم في هذه المحلات وهم يرتشفون أكواب العصائر والمثلجات مختلفة النكهات. وبهذا الخصوص، أكد لنا أحد باعة المثلجات أن العمل يزدهر أكثر في الشهر الفضيل، إذ يتضاعف على خلاف الأيام الأخرى، فبمجرد انتهاء صلاة التراويح، تجد الطاولات تعج بالمواطنين الساهرين الذين أتوا من كل صوب وحدب لتناول المثلجات وقضاء سهرتهم في جو يملأه المرح والفرحة، فالسّيدة فطيمة التي التقيناها بمعية زوجها وابنيها في أحد المحلات بشارع محمد خميستي، أكدت لنا بأن حلاوة السهرة لا تكتمل في رمضان إلا بتناول المثلجات بصحبة العائلة أو الصديقات، خصوصا في السنوات الأخيرة بعدما أضحى رمضان متزامنا مع موسم الاصطياف، وأضافت أنها تتمتع كثيرا بالخروج ليلا لتناول المثلجات وكسر روتين المنزل. أما السيد عبد الواحد، فأكد لنا أن مشهد وسط المدينة ليلا يختلف عن النهار، ففي الليل تشهد جل الشوارع حركة وانتعاشا، حيث تبقى ساحات المقاهي مفتوحة إلى وقت متأخر من الليل، والسهرة الرمضانية لا تكتمل بدون أجواء السمر وتبادل أطراف الحديث مع الأحبة والأصدقاء. جنة الأحلام بحي “الحمري”، فضاء للتسلية واللعب، من الحدائق العمومية التي يزداد الإقبال عليها من طرف العائلات في ليالي رمضان طلبا للمرح والتسلية، وقد سمحت لنا الجولة التي قمنا بها في المكان بالحديث لبعض المواطنين الذين اعتبروا هذا الفضاء الترفيهي متنفسا عائليا في ليالي الشهر الفضيل. السيدة بدرة التي جاءت رفقة أطفالها قالت؛ إنها اختارت حديقة التسلية نزولا عند رغبة أطفالها وإلحاحهم، متمنية كما تقول أن تسعى السلطات المحلية إلى خلق المزيد من فضاءات الترفيه في ولاية وهران التي تفتقد لها رغم التوسع العمراني الكبير الذي عرفته خلال السنوات الأخيرة، إلا أننا لا نجد أماكن للترفيه نقصدها مع أطفالنا، للأسف. لعبة “الدومينو” سيدة السهرة الرمضانية في الأحياء الشعبية، تجد إقبالا كبيرا عليها من طرف شريحة واسعة من الشيوخ والمتقاعدين وحتى بعض الشباب، فللعبة “الدومينو” طعم خاص يضفي على السهرات الرمضانية نكهة مميزة، حيث تبقى مشاحنات الربح والخسارة سيدة المواقف، ويساهم ذلك في إضحاك الجماعة خاصة المتفرجين، فرغم تعب الصيام، إلا أن الكل يركز اهتمامه في دق الطاولة ب”الدومينو” فالخطأ يعني الخسارة. في زاوية من زوايا حي “ابن سينا “العتيق، وبالساحة المشهورة باسم “البلاسيطة”، التقينا عمي السعيد الذي يضرب موعدا لأصدقائه بعد الخروج من المسجد، حيث يؤدي صلاة التراويح، فهو يعتبر نفسه محترفا في هذه اللعبة ولا ينهزم بسهولة، وعنه يقول عمي محمد؛ الكل يأتي ويحاول منافسة السعيد، لكن لا مناص من ذلك، فقد كان يعمل محاسبا ويلعب الشطرنج منذ سن الثامنة عشر سنة، مما أكسبه الدهاء والخبرة في إدارة جولة اللعب ب”الدومينو”، لكن استطرد محدثنا قائلا بأن عدم وجود الروح الرياضية لدى البعض يجعل الشجارات تنشب وتتعكر أجواء السهرة في الكثير من الأحيان، إلا أنها خلافات مسالمة أو “ملح السهرة”، كما يقول.