يقدم الفنان مصطفى مولودي أعماله الفنية التي حملها معه من بشار للجمهور العاصمي الذواق لفن الترميل الذي يعكس سحر صحرائنا الشاسعة. المشاركة تأتي في إطار تنظيم معرض الصناعات التقليدية بساحة البريد المركزي بالعاصمة والذي تستمر فعالياته إلى غاية 25 أوت الجاري، ويشارك الفنان مولودي ب70 لوحة، منها 20 لوحة من الحجم الكبير وكلها لوحات رملية، تعكس بيئة الصحراء الجزائرية. أشار مصطفى مولودي في حديثه ل«المساء” إلى أنه يرسم بشكل احترافي منذ 10 سنوات وهو فنان تشكيلي تخصص في الترميل وتكون على يد مختص في الترميل ببشار الذي أعطاه تأشيرة العمل، في حين تكون في الفن التشكيلي بالمدرسة الجهوية للفنون الجميلة بمستغانم وتحصل على شهادة الليسانس. أكد الفنان أن فن الترميل لايحتاج إلى إمكانيات مادية ضخمة كالفن التشكيلي مثلا، ويقول “كل وسائل الرسم الزيتي مكلفة من ريشة الرسم التي لايقل ثمنها عن 3 أو 4 آلاف دينار وكذا الألوان باهظة الثمن، في حين أن الريشة التي أرسم بها في تقنية الترميل لا يتعدى ثمنها 50 دنيارا أو أقل، والألوان أغلبها طبيعية تجلب من الصحراء”. هكذا اختص مصطفى في الترميل وتعمق في تقنياته وخصوصياته الفنية وسخر نفسه كلية لهذا الفن، لذلك رفض طلبات العمل التي قدمت له ليكون أستاذ مادة الرسم ببعض المعاهد أو المدارس. اجتهد مصطفى في مجال البحث كي يعطي لمسته الإبداعية في هذا الفن الأصيل. وكان ذلك من خلال تقنية “التجميع” أو “التركيب” (مونتاج) وهي تقنيته تعلم بعض مبادئها في مدرسة الفنون الجميلة وكان أول من استعملها في فن الترميل، فمثلا في واحدة من لوحاته التي يصور فيها إحدى القلاع التاريخية المتواجدة ببشار، وضع الفنان بوابة القلعة وكأنها حقيقية إذ لم يستعمل الرمل بل الخشب وهو لحاء شجر من الصحراء خاصة شجرة “تلاية” وهو عبارة عن قشرة الجذع الميتة تستغل بعد 4 أشهر من انفصالها تماما عن الجذع بعد أن تقطع وتغسل وتجفف وتلصق على اللوحة بالرمل أو بغراء الجبس الذي غالبا ما يستعمله النجارون. تتضمن لوحات مصطفى العديد من المواضيع منها الخط العربي الذي غالبا ما يرسم به آيات قرآنية، أما جل المواضيع فقد خصصت للطبيعة وللبيئة الصحراوية إذ نجد في بعض اللوحات معالم الزوايا والمساجد والقصور، والقلاع التاريخية منها قصر قرزيم الواقع ببلدية قرزيم بكرزاز، دائرة ببشار. وبالمناسبة، أكد الفنان ل"المساء” أنه مولع بالصحراء الجزائرية عموما لذلك فعنده الكثير من اللوحات عن حياة التوارق وعن البدو الرحل، بحياتهم البسيطة التي عكستها مشاهد الخيم والإبل والصيد ونظام الفقارة (السقي) وغيرها. وفيما يتعلق بالألوان، فإن مصطفى يستعمل كل الألوان من طبيعة الصحراء أي من الرمل، ويقول مصطفى في هذا الشأن “للرمل 195 لونا استعملت أنا في أعمالي 25 لونا فقط، منها مثلا لون الرمل المحروق (المقلي)، واللون الأرجواني الجميل، وهناك الرمل الاسود ذو التسعة ألون والرمل الأبيض الناصع ورمل الكثبان الذي يميل إلى الوردي القريب من البرتقالي وهناك الرمل الأصفر والرمل المائل إلى الأخضر بعضه يوجد في جذور الزيتون. ويؤكد الفنان أنه كلما كان اللون طبيعيا كلما كان العمل به جيدا وذا نوعية أما إذا ما لون الرمل اصطناعيا فإنه سيفقد الكثير من قيمته الطبيعية. عرض الفنان أيضا قارورات زجاجية ممتلئة، بعضها ب 8 ألوان رملية تعكس أشكالا هندسية متناسقة، كما عرض حاملات الأقلام ولافتات قال إن الطلب عليها كبير من الإطارات خاصة الأطباء وهي الآن موجودة في العديد من المناطق خاصة بتيزي وزو وقسنطينة. كما أكد الفنان إعجابه بالجمهور العاصمي الذي رحب به دون أن ينسى المغتربين الذين هم أكثر الناس إقبالا على معرضه واقتناء محتوياته. في الأخير، أكد مصطفى تمسكه بهذا الفن الذي يحرص فيه على إبراز معالم تراثنا الوطني الذي يستوجب من كل جزائري أن يحافظ عليه بطريقته وبامكانياته.