يلتقي وزير الفلاحة والتنمية الريفية، السيد رشيد بن عيسى، صباح اليوم، مهنيي فرع إنتاج وتوزيع اللحوم الحمراء، في اجتماع تشاوري مخصص لبحث إمكانيات عصرنة هذه الشعبة الفلاحية من خلال إنشاء فرع مهني مشترك، ومن ثمة النهوض بعمليات الإنتاج من أجل تغطية الطلب، والتقليص من فاتورة استيراد اللحوم الحمراء التي وصلت إلى 30 مليون أورو، خلال السداسي الأول، بفعل التدابير الاستثنائية التي اتخذتها الحكومة لتموين السوق في شهر رمضان، وهي الفاتورة التي اعتبرها الوزير الأول، أول أمس، مبالغا فيها، مشددا على ضرورة الحد من ارتفاعها باستغلال كل الموارد والإمكانيات المتاحة لتنمية الانتاج المحلي. وحسبما جاء في بيان لوزارة الفلاحة، فإن هذا الاجتماع التشاوري الذي يدور حول عصرنة فرع إنتاج اللحوم الحمراء في الجزائر، يشارك فيه مهنيو الفرع وكذا مربو الغنم والبقر والماعز والجمال والأحصنة، فضلا عن ممثلي الفرع المهني المشترك ومختلف الهياكل التابعة لقطاع الفلاحة، فيما يتضمن جدول أعمال الاجتماع النظر في تنظيم الفرع من خلال إنشاء مجلس مهني مشترك. وذكر بيان الوزارة بأن هذه الأخيرة شرعت منذ تطبيق سياسة التجديد الفلاحي والريفي في سنة 2009، في عملية إعادة هيكلة وتنظيم كافة الفروع الفلاحية، وذلك بهدف عصرنة مختلف الفروع وتوفير مناخ محفز ومشجع لكافة مهنيي الفلاحة. كما ترمي هذه السياسة، وفقا لنفس المصدر، إلى زيادة الإنتاج وتحسين المردودية والاستجابة لحاجيات السكان المتنامية. ويأتي لقاء اليوم في وقت تشهد فيه أسعار اللحوم بنوعيهما البيضاء والحمراء ارتفاعا رهيبا في الأسعار، مما دفع بالحكومة في الفترة الأخيرة إلى إقرار إجراءات استثنائية من أجل ضمان وفرتها وخاصة خلال شهر رمضان الفضيل، حيث تم تسطير برنامج ضخم لتكثيف عمليات الاستيراد، بغرض دعم الكميات المنتجة محليا، وتموين السوق بشكل يضمن تحقيق توازن في العرض والطلب ويؤدي بالتالي إلى انخفاض أسعارها. وكان الديوان الوطني قد أشار في آخر تقرير له حول اللحوم الحمراء إلى أن أسعار لحوم الغنم ارتفعت بنسبة تفوق 12 بالمائة في جويلية 2013 مقارنة بنفس الفترة في 2012، بينما ارتفعت أسعار لحوم البقر خلال نفس الفترة بنسبة 14 بالمائة. ويبدو أن الجهود الكبيرة والتدابير الاستعجالية والاستثنائية التي تحرص الحكومة على اتخاذها بهدف إعادة التوازن في عمليتي العرض والطلب على اللحوم الحمراء، لن تكون كافية لإيجاد الحل المناسب والدائم لهذه المعضلة التي زادها تعقيدا تفاقم عمليات المضارية وتدخل المتطفلين على النشاط. لاسيما في ظل انعكاساتها السلبية على السياسة الاقتصادية للجزائر والتي تتوخى تنمية الانتاج الوطني، وتقليص فاتورة الاستيراد. في حين بينت النتائج المحققة من السياسة العمومية لتموين الأسواق باللحوم الحمراء، بأن الدولة ليس بإمكانها الاستمرار في هذا الخيار، الذي يثقل كاهل الخزينة العمومية بتفاقم الفواتير المخصصة لاستيراد هذه المواد. ففي هذا السياق، لم يتوان الوزير الأول، السيد عبد المالك سلال، خلال زيارته أول أمس لولاية النعامة، التي تعرف بطابعها الرعوي، عن وصف الواقع الذي تعبر عنه فاتورة استيراد اللحوم الحمراء في الأشهر الستة الأولى من السنة الجارية في ظل الإمكانيات الكبيرة المتاحة أمام الجزائر لتكثيف إنتاج هذه اللحوم، ب«العيب"، مستغربا عدم استغلال القدرات الهائلة التي تتوفر عليها العديد من ولايات الوطن التي تشتهر بطابعها الرعوي وبتربية المواشي في رفع مستوى إنتاج اللحوم الحمراء وضمان تغطية الطلب المحلي والوطني، وكان الوزير الأول قد وجه نفس الملاحظة خلال زيارته لولاية تيارت في شهر رمضان المنصرم، مذكرا بأن مطار بوشقيف بتيارت، كانت الدولة قد صرفت موارد ضخمة لإنجازه حتى يكون منطلقا لتصدير اللحوم الجزائرية، الأمر الذي يقتضي -حسبه- إسهام كل المعنيين بالمسعى الهادف إلى تنمية تربية المواشي وإنتاج اللحوم، في تغيير هذا الواقع من خلال مضاعفة جهود تطوير الانتاج الوطني. وتعهد رئيس الجهاز التنفيذي بأن الدولة من جانبها تبقى على أتم الاستعداد لتقديم كل الدعم والمساعدة المنتظرة من قبل الفلاحين ومربي المواشي والمتدخلين في هذه الشعبة، سواء من خلال توفيرها للأراضي والمستثمرات الفلاحية أو من خلال الدعم المالي للمربين والمادي الذي يشمل التموين بالطاقة وحفر آبار المياه. للتذكير، فإن سياسة تموين السوق التي اعتمدتها الحكومة ممثلة بوزارتي التجارة والفلاحة والتنمية الريفية، ترتكز على محورين اثنين، يشملان تكثيف عمليات الاستيراد ودعم الإنتاج الوطني، حيث تم منح تراخيص استيراد اللحوم الحمراء المجمدة للمتعاملين الوطنيين، مع السماح لهؤلاء أيضا باستيراد ولأول مرة لحوم طازجة، كما تم وضع برنامج مكثف لدعم الإنتاج المحلي شمل استيراد 12000 رأس من البقر من إسبانيا والبرازيل والهند والسودان، تضاف للأبقار المنتجة محليا، غير أن النتائج المنتظرة من هذه السياسة لم تتجل بعد بشكل كامل، وقد تحتاج إلى إجراءات إضافية للضبط والتنظيم وكذا إلى وقت لتثيمنها في شقها المرتبط بتنمية الإنتاج الوطني.