يواصل المجلس الشعبي البلدي الجديد للقبة، تجسيد المشاريع المحلية المختلفة التي انطلقت في السنوات الماضية، من أجل الاستجابة لانشغالات السكان الذين يبدي العديد منهم انتقاده لطريقة التسيير ببلديتهم التي تعتبر من أغنى بلديات العاصمة، غير أن ذلك لم ينعكس على الإطار المعيشي للعديد من قاطنيها الذين ذكروا أن أزمة السكن والبطالة أرقتهم بسبب «وعود المنتخبين» التي بقيت حبرا على ورق، في وقت يعد فيه المسؤولون المحليون باستدراك النقائص وتلبية مطالب السكان تدريجيا. سمحت لنا الجولة التي قمنا بها إلى بعض أحياء بلدية القبة، بالوقوف على العديد من النقائص التي جعلت بعض سكانها غير راضين بتجسيد المشاريع، معتبرين أن تصنيف بلديتهم ضمن البلديات الراقية لم ينعكس على وضعهم المعيشي، وهو ما أكده بعض سكان الأحياء القصديرية، الهشة والأقبية الذين لا يزالون يحلمون بسكن لائق يأويهم.
سكان القصدير والبنايات الهشة ينتظرون الترحيل وفي هذا السياق، يتساءل سكان أحد أقدم الأحياء الهشة الواقع بالقرب من محطة نقل المسافرين بابن عمر، عن موعد الترحيل إلى سكنات لائقة، بعدما أصبح الوضع الذي يعيشونه بالبنايات الهشة التي تعود الى الحقبة الاستعمارية جد صعب، بسبب خطر الانهيار الذي يهددهم وضيق السكنات التي أصبحت لا تستوعب عدد أفراد العائلة الواحدة الذي تضاعف، فضلا عن غياب الخدمات الضرورية، على غرار غاز المدينة ودفع تكاليف مياه الشرب جماعيا بسبب وجود عداد واحد يجمع كافة السكان، إلى جانب مشكل الطرق، وهو الوضع الذي يعيشه سكان حي«قريقوري» الذي يضم أكثر من 200 عائلة تعيش ظروفا جد صعبة، لانعدام المياه الصالحة للشرب، الطرق وقنوات الصرف الصحي، فضلا عن الروائح الكريهة المنبعثة من النفايات التي أصبحت تزعج سكان حي ديار العافية الذي يعد من أقدم أحياء القبة ومن ضمن الذين أرقتهم أزمة السكن التي اكتشفها العديد ممن حضر جنازة الشابين اللذين لقيا حتفهما في حادث سقوط جزء من مدرجات ملعب 5 جويلية، أثناء المباراة الأخيرة التي جمعت فريقي اتحاد العاصمة ومولودية الجزائر، حيث تأثر الجميع للوضعية التي تعيشها العائلات بهذا الحي الذي يضم بنايات هشة، مهترئة وضيقة، فضلا عن حالة الطرق والأرصفة المتدهورة، مع انعدام بعض المرافق الهامة على غرار سوق جوارية ومساحات لعب وترفيه، حيث يضطر الأطفال إلى اللعب على قارعة الطريق، معرضين بذلك أنفسهم للمخاطر، وهو المشكل الذي تشترك فيه العديد من الأحياء، كحي المنظر الجميل الذي شهد توسعا عمرانيا في السنوات الأخيرة دون أن يحظى بالتهيئة والمرافق اللازمة، على غرار الملاعب الجوارية والحدائق، بسبب التواجد الكبير لمحلات البيع بالجملة، التي ساهمت في انتشار النفايات التي شوهت الحي، وأحياء أخرى على غرار ابن عمر ولابروفال، أين استولى الباعة الفوضويون في الفترة الأخيرة على طرقه وأرصفته وحولوها إلى أماكن لممارسة التجارة الفوضوية.
الاختناق المروري.. نقطة سوداء بوسط القبة وعلى العكس من ذلك، فقد أبدى بعض سكان حي «لاكروا» القريب من حي ابن عمر ل«المساء»، ارتياحهم للخطوة التي قام بها المجلس المنتخب لتسيير شؤونهم المحلية، إذ أمر أصحاب المحلات بإعادة تهيئة واجهات محلاتهم من أجل إعطاء صورة جمالية لضاحيتهم التي فقدت الكثير من خصوصيتها، بسبب التوسع العمراني والكثافة السكانية التي تزايدت بشكل ملفت للانتباه، مما خلق الكثير من العراقيل، على غرار الازدحام المروري اليومي الذي أصبح هاجس السكان والزوار، خاصة على مستوى شارع القاهرة الرئيسي، وبالضبط على مستوى ساحة محمد العشاوي المقابلة لمحطة نقل المسافرين قرب مقر البلدية، حيث زادت مواقف السيارات العشوائية الأمر تعقيدا في العديد من النقاط، خاصة على مستوى الطريق الرابط بين حي ديار العافية باتجاه حي العناصر الذي يشهد اختناقا مروريا في معظم الأوقات. من جهتهم، عبر بعض الشباب ل«المساء» عن انشغالهم بالوضع الصعب الذي يعيشونه بسبب مشكل البطالة ونقص فرص العمل، بسبب تأخر إنجاز المشاريع، منها مشروع مائة محل الذي كان من المقرر إنجازه قرب محطة ابن عمر، بعد اكتشاف مشاكل تقنية تتعلق بطبيعة القطعة الأرضية التي اختيرت لهذا المشروع، مما جعل العديد من الشباب والمراهقين عرضة للآفات الاجتماعية والاعتداءات التي انتشرت في الفترة الأخيرة، خاصة بالأحياء التي تفتقر لمرافق التسلية والترفيه، مثلما هو الأمر بحي قاريدي الذي يبقى الملعب الجواري المنجز به مغلقا، ولم يعرف السكان مصيره رغم حاجتهم إليه.
مشاريع متنوعة تجسد تدريجيا وفي رده على انشغالات المواطنين، أكد نائب رئيس البلدية مكلف بالتربية والتكوين، السيد سيد علي مصطفاوي ل«المساء»، أن المنتخبين المحليين أعطوا الأولوية للملفات التي تهم المواطن الذي يحظى بالاستقبال كل يوم اثنين وأربعاء من أجل الاستماع لانشغالاته ومحاولة الاستجابة لها، طالبا من سكان القبة أن يتفهموا الوضع فيما يخص المشكل الأساسي المتمثل في السكن «لأن الحصص السكنية التي تمنح للبلدية ضئيلة جدا ولا تستجيب لكل الطلبات التي تعد بالآلاف، ونتمنى أن نصل إلى مرحلة يتفهم فيها المواطن بعض الوضعيات الأكثر تضررا منه». وفي هذا السياق، أشار المتحدث إلى أن هذا المشكل سيحل تدريجيا، من خلال عمليات الترحيل التي تقوم بها ولاية الجزائر، حيث تم مؤخرا إحصاء سكان البنايات الهشة، الأسطح والأقبية من قبل الدائرة الإدارية لحسين داي، موضحا أن بعض سكان العافية استفادوا من السكن الاجتماعي في كل حصة منحت للبلدية سابقا، كما سيستفيدون كلما سمحت الفرصة بذلك، لتلبية أكبر قدر ممكن من الطلبات، يضيف المتحدث الذي ذكر أن المشكل المطروح حاليا هو السكان الأصليين المطرودين من السكنات التي كانوا يستأجرونها من الخواص منذ سنة 1962، فضلا عن مشكل ضيق السكنات الذي تعيشه العديد من العائلات التي يعاني العديد منها أزمة السكن بسبب استفادة البلدية من حصص سكنية ضئيلة جدا لا تستجيب للطلبات المودعة لدى مصالحها. وبخصوص اختناق حركة المرور وقلة الحظائر، أوضح مسؤول ببلدية القبة ل«المساء»، أن المجلس الجديد في سعي متواصل منذ تنصيبه، قصد إعطاء وجه لائق لمدينة القبة، حيث قرر إنجاز حظيرة للسيارات بعدة طوابق قرب الثانوية الوطنية للرياضيات، للتخفيف من حدة الركن العشوائي للسيارات والفوضى الناجمة عنه، كما اتخذ المجلس إجراءات تقضي بإلزام أصحاب المحلات تغيير وتحسين واجهات محلاتهم، الأمر الذي سمح لعدة أحياء وسط المدينة باسترجاع منظرها اللائق، كما تتواصل العملية بالأحياء المتبقية لإعادة الاعتبار لها، مضيفا أنه تم التعامل معها بنفس الطريقة فيما يخص فرض نظافة المحيط، حيث تحسنت -حسب المتحدث- الأمور كثيرا بعد التعاقد مؤقتا مع مؤسسة خاصة وتوظيف حوالي 29 عونا، فضلا عن اقتناء شاحنات للبلدية بهدف تدعيم عمل مؤسسة «نات كوم» وتحقيق مدينة نظيفة، في انتظار الحصول على كافة الإمكانيات الذاتية للتكفل بهذا الملف وتغطية كافة تراب البلدية ذات الحدود الواسعة. وفي سياق متصل، أوضح لنا السيد مصطفاوي أن ثمة إجراءات ردعية تتخذ ضد المخالفين لقواعد النظافة، منها غلق المحلات التي يقوم أصحابها برمي «الكرتون» على حافة الطريق وكذا أصحاب المطاعم، لمدة 15 يوما أو شهر إلى غاية الالتزام بالتحفظات المتعلقة بالنظافة، حيث تتم عملية الغلق يوميا ومست عددا معتبرا من المحلات لفرض الانضباط واحترام قواعد نظافة المحيط.
أسواق ومساحات خضراء بعدة أحياء من جهة أخرى، شرع المجلس منذ انتخابه في تجسيد العديد من المشاريع المحلية التي وعد بها خلال الحملة الانتخابية، حسب ممثله، منها برمجة إنجاز سبع أسواق جوارية لتقريب هذه المرافق من السكان وتقليص حدة البطالة، خاصة بالأحياء الشعبية، على غرار ديار العافية، العناصر وابن عمر الذي تقرر تخليصه من السوق القصديرية والخيام التي كانت منصبة ووزعت من قبل المجلس السابق، وتعويضها بأسواق منظمة لتحويل هذه الجهة إلى قطب تجاري لبيع مختلف المنتجات، كما خصص المنتخبون جزءا من الميزانية لإعادة بعث جميع المساحات الخضراء وتهيئة الحدائق العمومية، على غرار حديقة الإخوة كسي المحاذية لمقر البلدية، والتي أخذت حسبما لاحظت «المساء»، حلة جديدة بعد ترميمها، إعادة هيكلتها، تهيئة أرصفتها وإعادة تأهيل فضاءات اللعب بها، مع فتح مداخل جديدة وتزويدها بالإنارة العمومية، لتكون فضاء هاما يلجأ إليه السكان، خاصة المسنين، مثلما لاحظناه في عين المكان لقضاء وقت الفراغ، خاصة في ظل النقص المسجل في هذا الجانب بمختلف الأحياء، منها حي كوبيماد الذي سيستفيد من تهيئة مساحة خضراء، إلى جانب العناصر وحي العافية، إضافة إلى حي 648 مسكنا الذي استفاد هو الآخر من مشروع إنجاز حديقة للتسلية. وعلى صعيد آخر، أخذ قطاع الأشغال العمومية حيزا هاما في برنامج عمل المجلس الذي أطلق عدة مشاريع لتهيئة وتوسيع طرق وأرصفة مجموعة من الأحياء، منها حي جيلالي اليابس، المنظر الجميل، حي النجاح بقاريدي، حي الدار الحمراء وغيرها من الأحياء التي تحتاج إلى إعادة تهيئة، مع الاستفادة من مرافق، مثلما هو الأمر بالنسبة لحي ابن عمر الذي سينطلق به مشروع إنجاز روضة للأطفال قريبا، حسب محدثنا.