توجت أشغال اجتماع الثلاثية ال15، أول أمس، بتشكيل خمسة أفواج عمل، تضم الأطراف الثلاثة الممثلة للحكومة والاتحاد العام للعمال الجزائريين وأرباب العمل، وستعكف على إعداد الآليات التقنية الكفيلة بدعم الاقتصاد الوطني وتعزيز الاستقرار الاجتماعي، ومنها صياغة العقد الاقتصادي والاجتماعي للنمو، واقتراح كيفيات ترقية الاستثمار وأداء المؤسسات وتشجيع الانتاج والاستهلاك الوطنيين وكذا تأطير عمليات التسيير، على أن تقدم هذه الأفواج نتائج عملها خلال فترة حددها الوزير الأول بثلاثة أشهر. وأعلن الوزير الأول، السيد عبد المالك سلال، في ختام الاجتماع الذي وسع هذه المرة ليشمل بعض تنظيمات المجتمع المدني والخبراء الاقتصاديين، بأن الفوج الأول الذي سيرأسه وزير التطوير الصناعي وترقية الاستثمار، السيد عمارة بن يونس، سيتولى إعداد الميثاق الاقتصادي والاجتماعي للنمو، بينما يتولى الفوج الثاني الذي يرأسه وزير المالية السيد كريم جودي مهمة اقتراح كيفيات مساهمة الصندوق الوطني للاستثمار في تمويل الاستثمار الوطني العمومي والخاص، في حين يعكف الفوج الثالث الذي يرأسه وزير السكن والعمران والمدينة، السيد عبد المجيد تبون، على صياغة اقتراحات حول تسهيل مشاركة المؤسسات الوطنية للبناء والأشغال العمومية والري في إنجاز البرنامج الوطني للتجهيز، ويعمل الفوج الرابع تحت إشراف وزير التجارة على ملف تشجيع الانتاج الوطني وبعث القرض الاستهلاكي بالنسبة للمنتوجات المحلية، فيما يتولى فوج العمل الأخير الذي يشرف عليه مدير الديوان لدى الوزير الأول إعداد الاقتراحات المرتبطة بملف تأطير أعمال التسيير. وقد عكست الملفات الخمسة التي أعدت لأجلها فرق الأعمال الثلاثية، أهم المسائل والانشغالات الرئيسية التي طرحت خلال اجتماع الأطراف المشاركة في هذه الدورة ال15، سواء من ممثلي الحكومة أو تنظيمات أرباب العمل أو الشريك الاجتماعي الممثل في الاتحاد العام للعمال الجزائريين، والتي ثمنت جلها جو الثقة الذي ساد أشغال الاجتماع، واتفقت على مواصلة التشاور وتعزيزه وتوسيعه إلى فاعلين اقتصاديين آخرين، بشكل يسمح بالتوصل إلى تحقيق إجماع وطني واسع حول القضايا الأساسية لمستقبل الاقتصادي الوطني. وبالمناسبة، حرص الوزير الأول في مداخلاته خلال اللقاء على التذكير بالتعليمات والتوجيهات التي أسداها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة للحكومة خلال الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء، والتي دعا فيها إلى العمل على إنجاح هذه الثلاثية، التي نال فيها ملف إعادة بعث الصناعة الوطنية حصة الأسد. وأكد السيد سلال في هذا الإطار على ضرورة إسهام كل الفاعلين في البلاد في إعادة تثمين القاعدة الصناعية للجزائر وجعلها المحرك القوي للاقتصاد الوطني من أجل استحداث الثروة وخلق مناصب الشغل الدائمة، مشيرا إلى أن تحقيق هذا الهدف يستدعي من جميع الأطراف الإسهام في هذا الجهد الوطني الذي يتوخى رفع مستوى الناتج الداخلي الخام للبلاد إلى 10 بالمائة، وإخراج الاقتصاد الوطني من دوامة التبعية لقطاع المحروقات. وإذ اعتبر البترول والغاز نعمة بالنسبة للجزائريين، “وليس نقمة كما يفضل بعض الخبراء وصفهما”، وذلك لكونهما مادتين أوليتين أساسيتين لبعث النشاطات الصناعية المرجوة، دعا السيد سلال إلى اختيار بعض المجالات الصناعية التي يمكن أن تحقق فيها الجزائر الريادة، على مستوى السوق الخارجية، مشيرا، كمثال على ذلك، إلى قطاعي البتروكيماويات، والمناولة في قطاع الميكانيك، حيث تمتلك الجزائر إمكانيات كبيرة ومؤسسات وطنية مؤهلة تشتغل في هذه المجالات. وتأسف رئيس الجهاز التنفيذي لكون مناصب الشغل التي تستحدث اليوم في الجزائر لا تتم من خلال القطاع الاقتصادي وإنما بفضل برامج الإنفاق العمومية، وأكد بأن أكبر رهان اقتصادي بالنسبة للجزائر اليوم يكمن في تطوير اقتصاد وطني متنوع يستجيب للطلب الداخلي ويندمج في السوق الخارجية.