اتفقت الجزائر والبرتغال أمس، على العمل من أجل ترقية التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين ليبلغ مستوى العلاقات السياسية الحالية، وتوجت زيارة الرئيس الأول البرتغالي للجزائر السيد خوزي سوكراتيس بالتوقيع على خمس اتفاقيات في الطاقة والمالية والنقل. وقد اختتم الوزير الأول البرتغالي زيارته إلى الجزائر بتوصل الجانبين إلى حل الكثير من الخلافات التي كانت قائمة في المجال الاقتصادي ومن أهمها مسألة الطاقة حيث وقّع البلدان اتفاقا يقضي بمنح شركة "اينرجياز دو برتغال" 7 بالمئة من أسهمها لشركة سوناطراك وذلك بعد قرابة 10 سنوات من تقديم الطرف البرتغالي لتعهد يقضي بمنح سوناطراك عددا من الأسهم. ووقعت الاتفاقات الخمسة بين سوناطراك والشركة البرتغالية "إينرجياز دو برتغال" وبين البنك الوطني الجزائري صندوق الإيداع البرتغالي وبين بريد الجزائر وبريد البرتغال وبين الوكالة الوطنية لترقية التجارة الخارجية والوكالة البرتغالية للإستثمار والتجارة الخارجية إضافة إلى اتفاق في قطاع التأمينات. وجرى التوقيع على هذه الاتفاقات في حفل أقيم برئاسة الجمهورية، بحضور رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، والوزير الأول البرتغالي السيد خوزي سوكراتيس. كما سمحت هذه الزيارة التي دامت يومين باستعراض جميع فرص الاستثمار وإنهاء المباحثات بخصوص العديد من المشاريع الثنائية متعلقة بالبنوك والتأمينات والنقل. وخلال اختتام أشغال الاجتماع الثاني الجزائري البرتغالي رفيع المستوى أكد رئيس الحكومة السيد عبد العزيز بلخادم، الذي ترأس الاجتماع مناصفة مع نظيره البرتغالي على رغبة الجزائر في السمو بالتعاون والشراكة مع البرتغال إلى المستوى الذي بلغته العلاقات السياسية بين البلدين. واعتبر خلال الجلسة أن انتظام انعقاد هذه القمم "له انعكاس على العلاقات الثنائية الممتازة القائمة بين البلدين والتي ما انفكت تشهد منذ سنوات تطورا غير مسبوق يطبعه إلتزام قوي ودائم بإقامة علاقات متميزة بين البلدين"، موضحا أن مشاركة البرتغال كضيف شرف في الطبعة ال41 لمعرض الجزائر الدولي يعد "دليل آخر يعكس هذه الإرادة السياسية المعبر عنها من قبل البلدين". وأعلن عن رفع تقارير حول العلاقات بين البلدين إلى رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، الذي كما قال "يكن إلى البرتغال أرقى مشاعر الود والصداقة". ومن جهة أخرى ذكّر السيد بلخادم الذي حرص على وصف الوزير الأول البرتغالي ب"الصديق العزيز" بالاستثمارات التي قامت بها الجزائر في مجال المنشآت الأساسية والرامية إلى إنعاش النمو الاقتصادي، وأكد أن هذه الاستثمارات كانت معتبرة، وأن نتائجها كانت هي الأخرى "بالغة الأهمية" من حيث الفرص المتنامية لفتح أسواق الإستثمار. وأكد رئيس الحكومة أن الاقتصاد الجزائري تحسنت أداءاته بشكل منتظم حتى ولم يبق أمامه سوى بعض الأشواط، ووجه في هذا السياق رسالة إلى السياسيين في البرتغال قصد تشجيع المتعاملين الاقتصاديين للإستثمار في الجزائر كون جميع فرص النجاح متوفرة. وقدم السيد بلخادم تقييما إيجابيا للتعاون الثنائي بين البلدين خاصة في مجال إقامة مشاريع في إطار الشراكة، وأوضح أن هناك تواجدا مميزا للمؤسسات البرتغالية في الجزائر وأن هذا التواجد "ما فتئ يتعزز وفتح المجال لهذه المؤسسات كي تحرز الكثير من الصفقات خاصة في قطاعات الأشغال العمومية والنقل والموارد المائية"، مشيرا إلى أن اقتصاديات البلدين "توفر اليوم إمكانيات حقيقية من أجل توسيع فضاءات التعاون إلى ميادين الصيد البحري والفلاحة والسياحة والسكن والبيئة". ولدى تطرقه إلى المسار الأورو متوسطي، شدد السيد بلخادم على ضرورة العمل لتطوير شراكة حقيقية أورو متوسطية مع السعي إلى إعادة تنشيط مسار برشلونة وتعزيز النتائج التي أفضت إليها المنتديات الأخرى الأورو متوسطية ومنها حوار (5+5) والمنتدى المتوسطي. وعبر في هذا الإطار عن رغبة الجزائر في أن يتكفل الإتحاد الأوروبي بانشغالاتها "بشكل ملموس" خاصة تلك المتعلقة بحرية تنقل الأشخاص. وأشار إلى أن الجزائر تريد إقامة شراكة "الند للند" مع الطرف الأوروبي وأن تستفيد من التنمية وليس أن تتحول فقط إلى سوق للسلع الآتية من أوروبا. وقال أن الشراكة الإستراتيجية التي تود الجزائر إقامتها مع الإتحاد الأوروبي لا ينبغي أن تقتصر على الجانب التجاري بل "يجب أن تندرج ضمن مقاربة أكثر شمولية تقضي في أفاق 2017 بتجسيد هدف إنشاء منطقة ازدهار متبادل في المحيط المتوسطي". وذكّر بعزم الجزائر والإتحاد الأوروبي على فتح حوار من أجل إقامة شراكة استراتيجية في ميدان الطاقة. وبخصوص مسار بناء الاتحاد المغاربي جدد السيد بلخادم التأكيد على أن بناء هذا الصرح يعد ب"مثابة الخيار الاستراتيجي الذي لا رجعة فيه". ولدى تطرقه لقضية الصحراء الغربية، أكد السيد بلخادم أن الجزائر "ستظل مقتنعة بأنه من مصلحة كل شعوب المنطقة أن تتم تسوية هذه القضية على أساس حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره طبقا للشرعية الدولية واللوائح السديدة لمجلس الأمن للأمم المتحدة". وعبّر عن انشغال الجزائر بالوضع في الشرق الأوسط وأوضح أن "المظالم المسلطة على الشعب الفلسطيني ومعاناته الدائمة وعدم تلبية حقوقه الوطنية المشروعة من شأنها أن تغدي هذا التجاهل بدرجة أشمل"، وأبرز "الدور الهام" الذي يمكن أن يضطلع به الإتحاد الأوروبي من أجل تسهيل التوصل إلى حل عادل وشامل لهذه القضية. وفي تدخله أكد الوزير الأول البرتغالي على تطابق رؤى البلدين في العديد من القضايا سواء تلك المتعلقة بالعلاقات الثنائية أو القضايا الدولية، ووصف العلاقات القائمة بين البلدين في المجال السياسي بالممتازة والاقتصادية بالجيدة، مبديا رغبة بلاده في تعزيز وتوطيد التعاون الثنائي في شتى المجالات. وأكد من جهة أخرى دعم بلاده لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير وحل القضية الصحراوية سلميا في إطار الأممالمتحدة وباحترام روح اللائحتين الامميتين 1754 /1783 الأخيرتين.