يبدو أن والي ولاية العاصمة الجديد ينتظره عمل جبار لإعادة الاعتبار لبلديات العاصمة التي لا تزال تشتكي من نقائص كثيرة، وإذا كان ملف البيئة حديث الساعة، فملف التهيئة يحتاج إلى التفاتة حقيقية واستراتيجية محكمة قصد إعادة إعطاء الوجه الحقيقي الذي يجب أن تكون عليه أحياء العاصمة، حيث أكدت الخرجة الميدانية التي قادت «المساء» إلى بعض بلديات شرق العاصمة، أن وضعية الطرق ليست بخير، لاسيما في فصل الشتاء، حيث تتعقد الوضعية وتزداد المتاعب. لا يزال مشكل اهتراء الطرق وانتشار الحفر بمختلف الأحياء ديكورا يطبع بلديات العاصمة، رغم الوعود التي يقطعها المنتخبون المحليون قبل الجلوس على كراسي المسؤولية بالبلدية، حيث يتحمل المواطن نتائج عدم تجسيد هذه الوعود على أرض الواقع، ويبقى بعضها مجرد حبر على ورق.
الكاليتوس نقطة سوداء والمواطن في حيرة من أمره الزيارة الأولى قادتنا إلى بلدية الكاليتوس التي وجدنا فيها الطرق في وضعية لا تحسد عليها، خصوصا مع تهاطل الأمطار، حيث لم تسلم أغلبية الأحياء من الأوحال والبرك المائية التي تعرقل حركة المارة وأصحاب المركبات، مثل الأحياء التي زرناها، على غرار حي صالامبي، لالة نسومر و500 مسكن، إذ أجمع المواطنون الذين تحدثنا إليهم على أن المجلس الجديد لم يكن يكترث بوضعية الطرق بصفة خاصة وانشغالات المواطن بصفة عامة، وأعرب السكان عن تأسفهم للامبالاة السلطات المحلية بالعراقيل التي يجدها المواطن أثناء خروجه من المنزل، حيث أصبحت الحركة جد صعبة وسط الأوحال والمستنقعات المائية، وتساءل هؤلاء عما يفعله المسؤولون بعد عملية الانتخاب. أما سكان حي الجمهورية، فيشتكون من تدهور وضعية الطرق الرئيسية ومختلف المسالك بسبب عدم تهيئتها بعد انتهاء أشغال شبكات الصرف الصحي، حيث لا تزال الحفر مصدر إزعاج للسكان، خاصة بالنسبة لأصحاب المركبات، بسبب تآكل الزفت وتصدع الطريق جراء الأشغال المستمرة، مما يؤدي إلى الاختناق المروري، لاسيما خلال أوقات الذروة، باعتبارها نقطة عبور تربط بين المناطق المجاورة، على غرار مفتاح بالبليدة، الحراش والكاليتوس. نفس الشيء لاحظناه ببلدية براقي التي يعاني سكانها من تدهور وضعية الطريق بصورة كارثية دون تحرك مسؤولي البلدية، وهو ما لاحظه والي الولاية شخصيا خلال زيارته الأخيرة للبلدية.
قهوة الشرقي... ورشة مفتوحة والطرق مغلقة وجهتنا الثانية كانت بلدية برج البحري، ولعل أول ما يلفت الانتباه في هذه البلدية «النقطة السوداء»؛ حي قهوة الشرقي، وبالتحديد مفترق الطرق، حيث تحولت المنطقة إلى ورشة مفتوحة بسبب الأشغال التي لا تنتهي من سنة إلى أخرى، حسبما أكدت شهادات سائقي الحافلات الذين أوضحوا لنا أن الأشغال تنطلق في كل مرة ثم تتوقف، الأمر الذي جعل المنطقة عبارة عن ورشة مفتوحة، كما تسببت الأشغال في غلق مفترق الطرق وأصبحت حركة المرور شبه مستحيلة بسبب الاختناق المروري، ونتج عن هذه الفوضى ظهور طرق عشوائية، اختراقات وتجاوزات تؤدي إلى حوادث مرورية، حسب سائق حافلة تعمل عبر خط عين طاية - قهوة الشرقي، كما أن صورة الحي تغيرت وأصبح العديد من المواطنين يتفادون المرور عبر هذه المنطقة في ظل تماطل السلطات المحلية في إتمام هذه الأشغال التي انطلقت منذ سنتين على الأقل، رغم الشكاوى العديدة، إلا أن المعنيين لم يحركوا ساكنا ولا تزال قهوة الشرقي نقطة سوداء وستبقى كذلك لأجل غير مسمى، لذا يطالب السكان الوالي الجديد بزيارة المنطقة قصد الوقوف على هذه الوضعية العالقة.
أحياء برج البحري الراقية تستنجد بالمسؤوليين ونحن نتجول بأحياء بلدية برج البحري الراقية، لاحظنا أن المخطط الاستعجالي الذي قامت به البلدية من أجل إعادة تهيئة الأحياء بقرار من الولاية، لم يتجسد على أرض الواقع، بدليل السيول الجارفة والحفر المنتشرة بالطرق، انطلاقا من حي الابتدائي إلى غاية الجزائر الشاطىء، وما لفت انتباهنا، رغم أن أغلبية أحياء برج البحري راقية وتضم أفخم الفيلات والبنايات، حالة الطرق التي هي عبارة عن أوحال ومياه متسربة من قنوات الصرف الصحي القديمة، وبالصدفة وجدنا بعض العمال يرتدون بدلات العمل بحي إحدان، أمام الآلات المتوقفة، ويختبئون تحتها من الأمطار، كما لاحظنا أن تلاميذ المدارس يسيرون وسط سيول، ما اعتبره بعض الأولياء الذين وجدناهم أمام المدرسة الابتدائية، تهاونا من قبل السلطات التي لا يهمها أمر المواطن وبالتحديد الأطفال الصغار الذين يقصدون مدارسهم وهم مبللون، لذا أصبحوا يضطرون إلى ارتداء الأحذية البلاستيكية تفاديا للمياه الموحلة في مكان راق، حيث أوضح السكان أن حالة الطرق تزيد تدهورا من يوم لآخر، رغم استحداث المجلس الجديد الذي لم يحرك ساكنا. وأمام هذه الوضعية، يبقى الوجه الحقيقي لشرق العاصمة يتدهور من سنة لأخرى، مما يتطلب استراتيجية محكمة قصد إعادة النهوض بالطرق، بقرار من ولاية الجزائر، وبالتعاون مع البلديات ومختلف مديريات ومؤسسات الولاية، كالأشغال العمومية «أرما»، «أسروت» وغيرها.