ترمي أحكام القانون الجديد للمحاماة الذي يدخل حيّز التنفيذ مع صدوره في العدد الأخير من الجريدة الرسمية، إلى تعزيز المستوى التكويني والتأهيلي للمحامين وترقية حقوق الدفاع عن المتقاضين، من خلال تقوية مهام الدفاع وضمان استقلاليته، فضلا عن تنظيم المهنة وتنقيتها من السلوكات السلبية الدخيلة عليها. وقد تضمّن نص القانون رقم 13 /07 المتضمن تنظيم مهنة المحاماة، 9 أبواب، يتعلق الأول بالأحكام العامة، فيما يتطرق الباب الثاني لحقوق المحامي وواجباته وحالات التنافي، ويرتبط الباب الثالث بشروط الالتحاق بالمهنة، ويحدد الباب الرابع كيفيات تمثيل الأطراف أمام الجهات القضائية، بينما يضبط الباب الخامس الممارسة الجماعية لمهنة المحاماة، وينظم البابان السادس والسابع عمل منظمة المحامين واتحاد منظماتهم، في حين يتناول الباب الثامن الإجراءات التأديبية، ويخص الباب الأخير الأحكام الانتقالية والختامية. وتتكفل النصوص الجديدة التي تضمّنها القانون، بالنقائص التي ميزت القوانين السابقة التي كان يعمل بها لضبط مهنة أصحاب الجبة السوداء، بما فيها القانون 04/ 91 الصادر في سنة 1991، والذي يُعد آخر قانون ينظم المهنة، وحدد في الفصل الثالث من الباب الثاني حالات تنافي هذه المهنة، حيث تشير المادة 27 إلى أنها تتنافى ممارسة مهنة المحاماة مع ممارسة كل الوظائف الإدارية أو مؤسسة، سواء كانت تابعة للقطاع العام أو للقطاع الخاص وكذا مع كل نشاط تجاري أو صناعي وكل عمل ينطوي على علاقة التبعية، كما لا يمكن للمحامي العضو بالبرلمان أو المنتخب المنتدب، حسب نفس المادة، أن يمارس خلال عهدته الانتخابية مهنة المحاماة، في حين لا تتنافى ممارسة هذه المهنة، بحسب الفقرة الثالثة من نفس المادة، مع وظائف التدريس في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي. ومن ضمن مميزات النص الجديد الذي ينظم مهنة المحاماة، تمكين المحامين الجزائريين من العمل بالتعاون مع نظرائهم الأجانب، وتمكين المحامين الأجانب من الدفاع عن قضايا أمام المحاكم الجزائرية، حيث تسمح المادة السابعة من هذا القانون للمحامي التابع لمنظمة أجنبية، بأن يساعد الأطراف المتقاضية ويدافع عنها ويمثلها أمام جهة قضائية جزائرية شريطة مراعاة أحكام الاتفاقيات الدولية ومبدأ المعاملة بالمثل، والحصول على ترخيص من نقيب المحامين المختص إقليميا، واختيار موطن له في مكتب محام يمارس في دائرة اختصاص الجهة القضائية المختصة إقليميا، مع إشارتها إلى إمكانية سحب الترخيص بنفس الأشكال في أي مرحلة تصل إليها الإجراءات. وفضلا عن أهدافه الرامية إلى تنمية القدرات والكفاءات المهنية للمحامي، فإن إصدار هذا القانون الجديد يندرج أيضا في إطار مساعي السلطات العليا في البلاد، الرامية إلى تحسين أداء كل الشركاء في قطاع العدالة، مع الإشارة إلى أن هذا الإطار التشريعي الجديد، سيتم تعزيزه بالوسائل والإمكانات الكفيلة بترقية مهام الدفاع عن المتقاضين، ومنها إنشاء مدرسة وطنية ومدارس جهوية للمحاماة.