توجت الزيارة التي قام بها الوزير الأول الفرنسي، جون مارك ايرولت، للجزائر، بالاتفاق على عدة محاور من شأنها أن تكون لبنة إضافية في تعزيز علاقات التعاون والشراكة بين الجزائروفرنسا في مجالات متنوعة، خاصة الاقتصادية منها، إلى جانب المجالات السياسية والأمنية وغيرها من مجالات التربية والتعليم من خلال رسم خارطة طريق تستجيب للإرادة المشتركة للدولتين وترقى لمستوى تطلعات الشعبين الجزائري والفرنسي. شكلت الزيارة الرسمية التي أدها الوزير الأول الفرنسي، جان مارك أيرولت، إلى الجزائر لمدة ثلاثة أيام، فرصة سانحة لتأكيد إرادة الجزائروفرنسا لتعزيز تعاونهما الثنائي في شتى الميادين خاصة الاقتصادية والتكنولوجية والأمنية. وتميزت هذه الزيارة التي اختتمت، أول أمس، بانعقاد أول اجتماع للجنة الحكومية المشتركة الجزائرية - الفرنسية رفيعة المستوى والذي سمح بفتح حوار سياسي منتظم وعلى مستوى عال بين الجزائر وباريس وكذا التزود بآلية متابعة للعلاقة بين البلدين. وتطرق الطرفان خلال محادثاتهما إلى القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وكذا سبل التقارب الكبير بين مواقف البلدين وبوجود رغبة حقيقية في تعزيز حوارهما السياسي وشراكتهما الاقتصادية. وقد أكد البلدان على العمل بصرامة لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للأوطان خاصة ما تعلق بالاتجار بالمخدرات في منطقة الساحل. كما توج هذا الاجتماع الذي ترأسه الوزير الأول، عبد المالك سلال، ونظيره الفرنسي بإبرام تسع اتفاقيات مست ميادين مختلفة على غرار النقل، الشراكة الاقتصادية، التعاون التكنولوجي، الضمان الاجتماعي، الصحة، التعليم، الإعلام، والبريد والمواصلات حيث يقضي الاتفاق الخاص بقطاع البريد بتبادل الخبرات وتطوير الكفاءات وإنشاء نظام تحويلات مالية. كما اتفقت الجزائروفرنسا على تعزيز التعاون في مجال السكن والعمران بالاستفادة من الخبرة الفرنسية في مجال التعمير عبر مشاركة شركة فرنسية في تجسيد البرامج المسطرة من طرف الجزائر من خلال نقل التكنولوجيا الحديثة والاستفادة من التكوين في ميدان البناء. وسمحت الزيارة بوضع ورقة طريق تهدف إلى ترقية التعاون بين الجزائروفرنسا وتستجيب للإرادة المشتركة المتمثلة في ترقية مستوى العلاقات إلى مستوى قدرات البلدين وطموحات شعبيهما. وفي هذا السياق، أكد رئيس الوزراء الفرنسي خلال هذه الزيارة أن الثقة التي أقامتها الجزائر مع فرنسا تفتح آفاقا جديدة في جو هادئ من أجل شراكة طموحة تكون في مستوى الروابط التي تجمع البلدين. وإلى جانب الملفات الاقتصادية ورغبة فرنسا في استرجاع مكانتها كشريك اقتصادي أول للجزائر من خلال عدة مشاريع استثمارية كمصنع “رونو” للسيارات ومصنع “لافارج” للإسمنت والرغبة في مضاعفة حجم المبادلات التجارية والاقتصادية مع فرنسا التي تعد أهم شريك اقتصادي وصناعي بالنسبة للجزائر، حظي قطاع التربية والتعليم العالي باهتمام كبير في المحادثات التي جمعت ممثل الدبلوماسية الفرنسي بالمسؤولين الجزائريين، حيث ذكر أن التربية تشكل بالنسبة لفرنسا شقا أساسيا في شراكتها مع الجزائر. موضحا أن العديد من البرامج الطموحة تسمح لفرنسا بتقديم مساهمتها في الإصلاحات بالجزائر لعصرنه التعليم العالي. وأكد السيد أيرولت في هذا الصدد على مساهمة بلاده في تجديد المدارس الوطنية العليا وإنشاء المدارس التحضيرية الجزائرية، مشيرا أيضا إلى أقطاب الامتياز التكنولوجي والتكوين في مجال ثقافة التسيير وإنشاء مؤسسات لفائدة إطارات الشباب الجزائريين المستعدين للاندماج في النسيج الاقتصادي. ويشكل إنشاء المعاهد التكنولوجية مشروعا بارزا للتعاون الجزائري- الفرنسي كما أكد السيد أيرولت، مبرزا أنه بعد افتتاحها البيداغوجي خلال هذه السنة ستستقبل هذه المؤسسات طلابها الأوائل خلال دخول 2014. وذكر الوزير الأول الفرنسي أن الجزائروفرنسا حققتا تقدما ملحوظا في مجال الشراكة المتكافئة غير أنها تبقى بحاجة إلى تعزيزها. إذ اعترف بأن فرنسا لا تريد أن تكون فقط ممونا للجزائر بالسلع ولكن أيضا ترغب في تلبية تطلعات الحكومة الجزائرية، حيث أكد استعداد بلاده للتوجه إلى ما هو أبعد من الموارد الموجودة بالجزائر التي تمثل فرصة حقيقية ورفع المستوى التكنولوجي وتطوير قطاعات أخرى في مختلف الشعب. كما تم خلال هذه الزيارة الاتفاق على مواصلة التشاور حول المسائل المتعلقة بحركة تنقل الأشخاص لإيجاد حلول للصعوبات التي تواجه الطرفين والوصول إلى نتائج تتم صياغتها في وثيقة مشتركة. أما في المجال القضائي فاتفق الطرفان على عقد لقاء في باريس في 2014 للتشاور حول مجال المساعدة القضائية. مع مواصلة النقاش أيضا حول ملف المصلحة العليا للأطفال المرحلين المولودين من أباء مختلفي الجنسية. بالإضافة إلى الاتفاق على عقد اجتماع لتبادل وجهات النظر الخاصة بملف تعويض ضحايا التجارب النووية بالصحراء.