عملية تكوين المعلمين في الطورين الابتدائي والمتوسط، مبادرة تمس صلب العملية التربوية، وتستهدف المحرك الحقيقي في تربية الأجيال وتمكينها من التحصيل العلمي بطرق حديثة تستجيب للأوضاع والمناهج والذهنيات المختلفة عن نظيراتها قبل عشريات من الزمن. وقد نلمس نقص التكوين البيداغوجي وقصر المهارة التربوية في تفعيل مناهج سليمة في جيل اليوم، والدليل على ذلك شكاوى الأولياء (وهم متورطون أيضا في إهمال أبنائهم) من تصرفات بعض المعلمين والمعلمات الذين يتعاملون بعنف أو على غير هدى مع البراءة، فينفرونهم من التحصيل ويبعدون أذهانهم عن الانتباه والمتابعة السليمة للدروس، وقد نلمس ذلك في تثاقل التلاميذ في الذهاب إلى المدرسة أو حضور حصة الأستاذ الفلاني أو المعلمة الفلانية وكل ذلك ناتج عن نقص في تكوين المربي. وليس معنى هذا أن التلاميذ منزهون عن التصرفات غير اللائقة، بل من المفروض أن يؤثر المعلم أكثر مما يتأثر في الوسط التربوي، بالنظر إلى تسلحه بالمناهج التربوية المبنية على أسس بسيكولوجية وعلمية دقيقة، وهي مواقع العجز والنقص التي سجلتها الوزارة الوصية وعملت على محاولة استدراكها بتعميم تكوين المعلمين. ومهما يكن مستوى المعلم وطريقة تعامله مع التلاميذ، فإن التغيرات الاجتماعية والتحولات التكنولوجية الحاصلة في العالم (ونحن جزء منه) تفرض تحيين العملية التكوينية لتمكين المعلم من استدراك النقائص واللحاق بركب الموجة الجديدة التي لا ترحم من يجهلها أو يستصغرها. وتعد عملية التكوين والرسكلة بمثابة إعادة تشحيم الدواليب وصيانة قطع الغيار الهشة التي من شأنها أن توقف وتعرقل الحركة السليمة.