احتضن المجمع الثقافي لبلدية برج منايل بولاية بومرداس، أول أمس، آخر محطة للقافلة المغاربية التي جابت بعض مناطق الوطن، بمشاركة عدد من الشعراء صدحوا بنصوصهم على أشكالها المتنوّعة، شنّفت مسامع الحاضرين من أبناء المنطقة، الذين خصوا الضيوف بترحيب استثنائي، هندست له جمعية "دزاير الخير" بكيفية مدهشة. أكّد رئيس الجمعية الجزائرية للأدب الشعبي توفيق ومان - وهي الجهة المنظمة للقافلة الأدبية المغاربية - أنّ التظاهرة حقّقت أهدافها المسطَّرة، إذ تمّ العمل رفقة جمعيات ثقافية بكل من الجزائر العاصمة، البويرة وبومرداس مع جمعية "بيت المبدع" المغربية لتخلق التلاقح الثقافي، خاصة أنّ الجمعية المغربية تنشط لأوّل مرة بالجزائر، وتعتزم فتح فرع لها بها؛ كونها تحمل طابعا دوليا. وثمّن المتحدّث الجهد الذي بذلته جمعية "دزاير الخير"، وأثنى على رئيسها مرزاق حمداش؛ نظير العمل المذهل الذي قام به لتنظيم حفل الختام في منطقة تفتقر لمرافق ثقافية، تعكس بحق القيمة التاريخية والثقافية لمدينة برج منايل، واستطاع أن يكسب رضا الضيوف، الذين استحسنوا المقام والناس معا. من جهتها، قالت رئيسة جمعية "بيت المبدع" المغربية ريحانة بشير، إنّ التظاهرة المغاربية كانت بالنسبة لها حلم يقظة تحقّق بالجزائر. وتابعت: "نريد حركة جديدة والمراهنة على تطوير التجارب الإنسانية". وتعتقد أنّ "من الجزائر تُستمد روح الجهاد الفكري لتحقيق أحلام اليقظة". وعلى هامش الحفل، صرحت المتحدّثة للصحافة بأنّ اختيار الجزائر لتنظيم التظاهرة الثقافية المغاربية، يعود للحراك الثقافي الذي تعيشه حاليا، مضيفة أنّ المشروع أوسع من ذلك رغم غياب ممثلين من ليبيا وموريتانيا، إلاّ أنّ الهدف هو تمديد الوعي والاشتغال على الدبلوماسية الثقافية وفك الحصار الموجود في الفكر العربي والمغاربي على وجه التحديد، ويتم التحليق وعبور الحدود ثقافيا وإبداعيا. وفي تقييمها لقافلة الجزائر، أكّدت المتحدّثة أنّها حقّقت المفارقة، حيث استطاعت أن تدمج بين الأنشطة الثقافية؛ من ندوات وأمسيات شعرية وفنية وبين الزيارات السياحية، وهي الرؤية التي ستسعى لها من خلال جمعيتها، لتكون الملتقيات القادمة جامعة بين الفن والثقافة والسياحة. وتعتقد الشاعرة المغربية أنّ المآثر التاريخية للمدن وما يحيط بها من شأنه أن يشكّل إضافة للمثقف الضيف. وسبب اقتصار المشاركة على الشعراء فقط راجع إلى أنّ "بيت المبدع" تضمّ العديد من الفنانين والمثقفين والمبدعين، وستكون مشاركات أخرى لفاعلين آخرين في المناسبات المقبلة، وتقديم ندوات على أعلى مستوى من الفكر والعلم، ينشّطها ثلة من الأساتذة والباحثين، وضربت موعدا شهر أفريل المقبل، لتنظيم تظاهرة مماثلة في تونس؛ حيث من المنتظر أن يتم تنصيب مكتب تونس لبيت المبدع، وقبله تأسيس مكتب له بالجزائر. بالعودة إلى حفل الختام الذي كان شعريا، استهل توفيق ومان بقراءة لثلاث من قصائده الشعبية، وهي "ما نرضاك"، "السماح" و"وين العرب وين؟"، ثم تلته الشاعرة المغربية ريحانة بشير، التي قرأت قصيدتها "بانوراما الماء". أمّا الشاعر الجزائري بوزيد حرز الله، فتلا على مسامع الحضور قصيدتين، الأولى تتغنى بالوطن، والثانية رفعها إلى روح الرئيس الجزائري الراحل محمد بوضياف. كما كانت قراءات أخرى لشعراء من المغرب، وقد تَميّز الزجّال حسن خيرة بأسلوبه المعروف في التراث الجزائري بالقوال. أما مواطنته خديجة شاكر فرفعت قصيدتها إلى روح عميد الأغنية الأمازيغية بالمغرب المدعو محمد رويشة، قبل أن تؤدي كذلك "سلطان الريح"، وهو من نوع الزجل أو كما يسمى عندنا بالملحون أو الشعبي. أما الشاعر التونسي طاهر شرف، فقد أهدى قصيدته للجزائر من خلال قراءته ل "أحب الجزائر"، ونسّقت معه في الأداء زكية جريدي الصوت التونسي الصادح، بصرخات أشبه ب "العيطة الشاوية".