أثارت جريمة حرق مسجد بالضفة الغربية، استنكارا فلسطينيا واسعا، تصاعدت معه الأصوات المحذّرة من حرب دينية شاملة، والمطالِبة بضرورة حماية المقدسات الإسلامية من الانتهاكات الإسرائيلية، وفق القانون الدولي.وفي حلقة جديدة من مسلسل الاعتداءات على المقدسات الإسلامية، أقدمت مجموعة من المتطرفين اليهود أمس، على إضرام النار في مسجد علي بن أبي طالب ببلدة دير استيا في شمال الضفة الغربية، وكتبوا شعارات عنصرية ومسيئة للدين الإسلامي والمسلمين على جدران المسجد. وهو ما أثار حالة سخط وغضب لدى أهالي المنطقة، الذين أكدوا أنه لولا تفطّن المواطنين الذين توجهوا لصلاة الفجر باكرا، لأتت ألسنة اللهب على المسجد وكل ما حوى، خاصة أن النيران اشتعلت في سجادة البوابة، إضافة إلى أعمدة خشبية، وتسربت من البوابة إلى داخله. وليست هي المرة الأولى التي يقدم فيها مستوطنون يهود على إضرام النيران في مساجد مختلف المدن ضمن حملة شرسة، أجمعت كل الأطراف الفلسطينية أنها تنذر بحرب دينية شاملة في المنطقة. وأصبحت المساجد التي تُعد من أقدس المقدسات لدى المسلمين، هدفا مفضلا لليهود، الذين تعمّدوا خلال العامين الماضيين، إحراق العشرات منها. وفي رد فعل منها، حذّرت الحكومة الفلسطينية من مغبة إشعال فتيل حرب دينية في المنطقة. وقال وزير الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطيني محمود الهباش، إن "حرق المسجد عمل عنصري يعبّر عن اضطهاد ديني صريح ضد الشعب الفلسطيني، ويُنذر بحرب دينية شاملة في كل المنطقة". واعتبر أن حماية الأماكن المقدسة في فلسطين لا تقع على عاتق الفلسطينيين وحدهم، بل هو بحاجة إلى دعم ومساندة أبناء العالمين العربي والإسلامي والشرفاء في جميع أنحاء العالم، والعمل على وضع برنامج عملي على أرض الواقع لمواجهة هذه الهجمة المسعورة. من جانبها، استنكرت حكومة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في قطاع غزة، هذا العمل الإجرامي، التي اعتبرت ما حدث بمثابة "مساس بحرمة الأوقاف الإسلامية، التي حرّم الله التعرض والاعتداء عليها بأي شكل من الأشكال". وأضاف أن "اعتداءات المستوطنين تدخل ضمن خطة صهيونية مبرمجة وممنهجة، تهدف إلى إرساء قواعد التهويد وطمس المفاهيم العامة للإسلام والمسلمين". ونفس موقف الإدانة عبّرت عنه الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، التي وصفت حرق مسجد علي بن أبي طالب ب "الجريمة البشعة، وانتهاك صارخ لحرية العبادة والمعتقد ولحرمة المقدسات واعتداء على ممتلكات المواطنين". وقال حنا عيسى الأمين العام لهذه الهيئة، إن الاعتداء يُعد خرقا فاضحا للقانون الدولي الإنساني، وانتهاكا صارخا لحرية العبادة، مثلما يشكل أيضا انتهاكا صريحا لالتزامات إسرائيل؛ بوصفها القوة القائمة بالاحتلال في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، وما يترتب على ذلك من وجوب قيامها بعدم التعرض لأماكن العبادة وضمان حرية العبادة فيها وسلامتها، وعدم المساس بها أو تدنيسها بأي شكل ومن أي جهة كانت. كما أكد أن هذا الحريق يُعد مخالفة واضحة للعديد من المواثيق والقوانين الدولية واتفاقيات لاهاي وجنيف، التي تطالب بضرورة عدم انتهاك حرمة وقدسية الأماكن المقدسة لدى الشعوب المختلفة. وحمّلت مؤسسة الأقصى للوقف والتراث الإسلامي، الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن جريمة حرق المسجد، وحذّرت من استخدام الاحتلال الإسرائيلي "سياسة العمى عن جرائم المستوطنين بحق المساجد والمقدسات الإسلامية والمسيحية في الداخل الفلسطينيوالضفة الغربية". ويعيش في الضفة الغربية التي احتلتها إسرائيل في عام 1967، حوالي نصف مليون مستوطن إسرائيلي في 120 مستوطنة، إلى جانب 2.7 مليون فلسطيني، وكثيرا ما تحولت المواجهات بين الجانبين إلى أعمال عنف.