ندد بيتر بوكايرت، مدير العمليات الاستعجالية في منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية، بالوضع الإنساني الذي لم يعد يطاق بالنسبة لمسلمي جمهورية إفريقيا الوسطى الذين يتعرضون لحملة تصفية أثنية منظمة على أيدي مليشيا "انتي بالاكا" المسيحية المتطرفة. وقال في ندوة صحفية عقدها، أمس، بالعاصمة الفرنسية، أن الوضع الإنساني والأمني بالنسبة للأقلية المسلمة أصبح "خطيرا جدا" ولم يعد يطاق بالنسبة للمسلمين الذين فضلوا البقاء في جنوب غرب العاصمة بانغي. وحذر الحقوقي الدولي أن حياة 15 ألف مسلم أصبحوا مهددين بتصفية جسدية من طرف هذه المليشيات وهو ما جعله يطالب بضرورة إجلائهم لإنقاذهم من موت محقق. وقال إن حل مأساة هؤلاء ليس بإجلائهم باتجاه دولة الكاميرون أو التشاد المجاورتين ولكن فقط إلى مدن جمهورية افريقيا الوسطى التي لا تعرف مثل هذه العمليات الانتقامية على اعتبار أن هناك مسيحيين يريدون مواصلة العيش في أمان مع المسلمين. وقال مسؤول "هيومن رايتس ووتش" إنه لا يمكن القبول بالتصفية الاثنية على أنها أمر واقع ولكن يجب التفكير من الآن في عودة المسلمين الفارين من جحيم الموت الذي تعرضوا له على أيدي المليشيات المسيحية رغم اعترافه أن ذلك يبقى مسارا صعبا بعد أن تم تدمير مساكنهم أو احتلالها من طرف دخلاء مسيحيين. ولكن بيتر بويكارت لم يقفل الباب أمام احتمال عودة اللحمة إلى مجتمع هذا البلد بمسيحيه ومسلميه بالنظر إلى العلاقات التي أقيمت بينهم وأيضا لحاجة كل طرف للآخر. وأشار في ذلك إلى أن السكان المسحيين وخاصة في العاصمة بانغي أحسوا بانعكاسات المواد الغذائية واللحوم في أسواقهم بعد أن هاجر المسلمون المدينة مكرهين وهم الذين كانوا يمتهنون هذه التجارة. وقال إن هجرة المسلمين لم يعد مأساة إنسانية ولكنه أيضا كارثة اقتصادية في هذا البلد، خاصة وأن عشرات آلاف العائلات المسلمة فقدت كل ما تملك بسبب الحرب الأهلية التي تعيشها جمهورية إفريقيا الوسطى منذ عام وعرفت تدمير مساجد المسلمين عن آخرها وانتهاك حرمة مصاحف القران وتدنيسها. وهو ما جعل مسؤول منظمة هيومن رايتس ووتش يوجه انتقادات لعملية التدخل العسكري الفرنسي في هذا البلد وقال إنها فشلت مادام السكان المسملون أرغموا على الفرار من منازلهم لإنقاذ حياتهم من موت أكيد وبأبشع الطرق والصور. وقال إن صورة فرنسا في إفريقيا الوسطى أصبحت في أدني درجاتها وأن المسلمين يكنون عداء متزايدا للوحدات الفرنسية المشاركة في قوة التدخل ضمن عملية "صنغاريس" لأنها لم تقم بمهمتها الأساسية بحماية المدنيين وتركت المليشيات المسيحية تتفنن في قتل وتذبيح السكان المسلمين. وختم بالقول إن التدخل العسكري لا يقاس بعدد الجنود بقدر ما هو تجسيد للهدف من هذا التدخل وخاصة في مجال حماية المدنيين ومنع إبادتهم وهو ما لم يحصل بالنسبة للسكان المسلمين.