قدم رئيس الوزراء المالي، عمر تاتام لي، استقالته واستقالة كافة حكومته، إلى الرئيس إبراهيم بوبكر كايتا، بعد سبعة أشهر فقط من شغله هذا المنصب في بلد أنهكته أزمة سياسية وأمنية يتخبط فيها منذ عامين. وشكلت استقالة لي التي قدمها، ليلة السبت إلى الأحد، المفاجأة خاصة وأن الرجل تعهد لدى توليه منصب رئيس الحكومة، شهر سبتمبر من العام الماضي، بجعل المصالحة الوطنية بين مختلف مكونات المجتمع المالي من أولى أولوياته. وزاد في عنصر المفاجأة الموافقة الفورية للرئيس كايتا على استقالة لي وتكليفه لوزير تخطيط المدن موسى مارا البالغ 39 عاما بتولي منصب رئيس الوزراء وتشكيل طاقم حكومي جديد في غضون أسبوع. وأرجع عمر تاتام لي في وثيقة الاستقالة الأسباب التي دفعته لتقديمها إلى اختلاف في وجهات النظر بينه وبين الرئيس كايتا حول سبل تسيير شؤون البلاد وعمل الحكومة التي قال أنها حالت دون تمكنه من أداء مهامه كما يجب. وتحدث في رسالة الاستقالة عن وجود ما وصفه ب«خلل وظيفي ونقص في عمل الحكومة قلص بشكل كبير من قدراته في مواجهة التحديات القائمة". وأشار إلى انه فشل في إقناع الرئيس كايتا بتغيير سياسته المنتهجة في حكم البلاد. وأضاف أنه و«نتيجة لذلك وأخذا بعين الاعتبار وجهات النظر المختلة التي لم تساعدني في أداء المهمة التي كلفتموني بها فإني وبكل أسف أقدم استقالتي من منصب رئيس الوزراء". وكان التلفزيون المالي الرسمي اكتفى في وقت متأخر، من ليلة السبت إلى الأحد، بالإعلان عن استقالة تاتام لي من دون أن يحدد الأسباب الكامنة وراء هذه الاستقالة. واعتبر أحد المقربين من رئيس الحكومة المستقيل أن هذا الأخير لم توفر له الأجواء الضرورية لأداء مهمته وقال إنه "عندما يكون الشخص مكلفا بتسيير حكومة فيجب أن يتمتع بصلاحيات وتكون له الحرية في ممارسة مهامه وتطبيق الإصلاحات التي يراها ضرورية للنهوض بالبلاد". وبحسب هذا المصدر الذي رفض الكشف عن هويته فإن تاتام لي ومنذ بداية شهر مارس الماضي لفت انتباه الرئيس كايتا حول ضرورة تغيير ما وصفها بالعادات القديمة المنتهجة في التسيير بمالي. غير أن مصادر إعلامية مالية أشارت إلى أن التوتر بين الرجلين بدأ عندما استشعر تاتام لي بتدخل نجل الرئيس كريم كايتا والذي يشغل منصب نائب رئيس البرلمان في عمله. ومهما كانت الأسباب الكامنة وراء استقالة عمر تاتام لي فإن محللين غربيين حذروا من إمكانية أن تزداد الوضعية السياسية في مالي هشاشة في حال لم تتمكن الحكومة الجديدة من وضع برامج ومخططات واضحة لاحتواء الوضع المتردي في البلاد وخاصة إحلال الاستقرار والأمن في شمال البلاد الذي لا يزال يعاني من انزلاقات أمنية بين الفترة والأخرى جراء استمرار نشاط المجموعات المسلحة. وهو ما جعل فرنسا التي تدخلت عسكريا في مالي تسارع إلى الترحيب بتعيين موسى مارا رئيسا جديدا للحكومة إلى التأكيد على أهمية استكمال مسار المصالحة الذي اعتبرها وزير الدفاع الفرنسي جون ايف لودريان أنها تبقى ضرورية من أجل الحفاظ على وحدة البلاد. لكن الوزير الفرنسي انتقد، بالمقابل، التأخر الحاصل في هذا المسار وقال ؤإنه يعتقد أنه لا يتقدم بالسرعة المطلوبة.