لم يجد بعض المترشحين من وسيلة لاستمالة القاعدة الشعبية ومحاولة الإقناع إلا الاستناد إلى عصا ”الانتقاد” والانتقاص من كل شيء، وفي المقابل راح آخرون يعرضون برامج ومخططات تنموية بطريقة سطحية، هي أقرب إلى التنظير منها إلى الواقع، وليس في ذلك غرابة مادام الكلام سهلا، ومادام ميدان السياسة يتطلب ممن أراد أن يخفي عجزا أو قصورا في الرأي استعمال «مساحيق لغوية” لا تصمد طويلا أمام طبيعة الواقع. وإن الحديث عن الإقناع والاستمالة ليجرنا إلى تشبيهه بالرزق في هذه الدنيا، وهو نوعان: رزق يأتيك دون اجتهاد وتعب، ورزق تسعى إليه بالجد والكد، وكذلك أمر المترشحين ونصيبهم من القاعدة الشعبية، فأما الأصوات التي ينالها أي مترشح فهي تلك التي تأتي دون حملة أو تشهير أو تزمير، وقد تكون أسبابها الوفاء بالوعد، ونظافة اليد، والاستمرار على العهد وهناك أصوات أخرى يسعى إليها المترشح باللقاءات والخطابات والعمل الميداني التشهيري. ولعل الإقناع والاستمالة أمر مشروع في اللعبة الديمقراطية، ولكن التهديد والتحريض والقذف والقدح ولغة العنف، لا تأتي بالأصوات ولا تحقق النجاح في الانتخابات بقدر ما تجعل الرأي العام يطلب ممن ”يزيد في تسخينه” أن يكشف اللثام عن برنامجه ورؤيته واستراتيجيته الوطنية في مختلف المجالات، وحينها فإن الشعب هو السيد في سوق سياسية يدعي كل بائع فيها أن ”فوله طياب” كما يقال، ويؤكد كل منهم وصله بليلى.