تنتظر مكاتب الاقتراع، اليوم، إقبال قرابة 23 مليون ناخب للإدلاء بأصواتهم واختيار من يرونه مناسبا لتسيير شؤون البلاد، من ضمن ستة مترشحين قرروا خوض هذا المعترك الانتخابي، الذي سخرت له الدولة كافة الإمكانيات المادية والتقنية والبشرية لإنجاحه وضمان نزاهته وشفافيته وجعله عرسا آخر للديمقراطية في الجزائر، تعود فيه الكلمة الأخيرة للشعب. فتزامنا مع استمرار عملية الاقتراع بالصناديق المتنقلة عبر مناطق الجنوب، وكذا في المكاتب القنصلية بالخارج، تنطلق صبيحة اليوم عملية التصويت عبر كافة ولايات الوطن، في اليوم الرسمي لخامس انتخابات رئاسية في ظل التعددية الحزبية في الجزائر، والذي ينتظر إقبال 22.880.678 ناخبا، من بينهم 10.462.210 ناخبات، للتصويت بكل حرية وسيادة واختيار الرئيس الذي سيعتلي قصر المرادية ويقود الجزائر خلال السنوات الخمس المقبلة، من بين المترشحين الذين دخلوا هذا السباق، ويتعلق الأمر بكل من علي فوزير رباعين، عبد العزيز بلعيد، لويزة حنون، موسى تواتي، علي بن فليس والرئيس المترشح عبد العزيز بوتفليقة. ولتمكين الناخبين من أداء واجبهم الانتخابي في أحسن الظروف، وفرت وزارة الداخلية والجماعات المحلية 11765 مركز اقتراع و49979 مكتب تصويت، منها 167 مكتبا متنقلا، فيما تم تجنيد ما يقارب 460 شخصا لتأطير هذه المكاتب. وقد انطلقت عملية التصويت بالنسبة للجالية الوطنية بالمهجر عبر عدة مدن وعواصم عالمية بمشاركة 1.009.000 ناخب خصص لهم 398 مكتبا، وتمت تهيئة كل الظروف لاستقبالهم لتأدية واجبهم الانتخابي، كما انطلقت العملية، أول أمس، بالنسبة للبدو الرحل عبر 67 مكتب تصويت متنقل موزعة على 10 ولايات، معظمها بالجنوب، على أن تستمر العمليتان إلى غاية نهاية المدة القانونية للاقتراع المقررة اليوم على الساعة السابعة مساء. غير أنه يمكن وفقا لما ينص عليه القانون أن يقوم الولاة بترخيص من وزارة الداخلية والجماعات المحلية باتخاذ قرارات لتقديم ساعة افتتاح الاقتراع أو تأخير ساعة اختتامه في بعض البلديات أو في سائر أنحاء دائرة انتخابية واحدة، وذلك قصد تسهيل ممارسة الناخبين لحقهم في التصويت. وحرصا على ضمان الظروف الجيدة التي تمكن الناخبين من تأدية واجبهم الانتخابي في سكينة وهدوء، اتخذت وزارة الداخلية والجماعات المحلية جملة من الإجراءات المعتادة في المواعيد الانتخابية، وذلك خلال الفترة الممتدة من منتصف ليلة 17 إلى صبيحة يوم 18 أفريل الجاري، تشمل منع سير كل مركبات نقل البضائع برا وبواسطة السكة الحديدية، باستثناء المركبات المستعملة للتموين العادي للسكان بالمواد الغذائية، فضلا عن غلق الأسواق الأسبوعية باستثناء الأسواق اليومية للجملة ونصف الجملة والتجزئة للخضر والفواكه وكذا تأجيل كل التظاهرات الرياضية والثقافية المزمع إجراؤها خلال نفس الفترة. وقد تم بالمناسبة اتخاذ إجراءات استثنائية تخص ولاية غرداية التي عرفت في الفترة الأخيرة أحداث عنف دامية، تتمثل في وضع جهاز وقائي ملائم لتأمين الاقتراع ومكاتب التصويت بسهل وادي ميزاب، وذلك بغرض حماية مراكز ومكاتب التصويت وتمكين المواطنين من أداء واجبهم الانتخابي في ظروف حسنة. كما تم نشر جهاز أمني مكثف داخل مكاتب الاقتراع بما يسمح بتجنب أي حادث من شأنه أن يعرقل العملية الانتخابية، مع تدعيم شبكات الاتصالات والإرسال من خلال إنشاء خطوط هاتفية مؤقتة وإعادة تصليح الخطوط والشبكات التي تضررت من الأحداث الأخيرة. كما أكد وزير الدولة وزير الداخلية والجماعات المحلية، الطيب بلعيز، أن جميع آليات الشفافية والحياد والأمن اتخذت لإنجاح الاقتراع من كافة الجوانب، داعيا الجزائريين إلى التحلي بالثقة التامة فيما يتعلق باختيارهم الشرعي والسيادي. وكان المترشحون الستة وممثلوهم نشطوا الحملة الانتخابية الخاصة بالاقتراع الرئاسي والتي دامت 22 يوما قاموا خلالها بشرح برامجهم الانتخابية من خلال تنشيط مهرجانات ولقاءات جوارية وندوات صحفية ومداخلات عبر وسائل الاعلام السمعية والبصرية، وخصصت لهم الإدارة أزيد من 3200 قاعة، فضلا عن الفضاءات العمومية لنشر ملصقاتهم. كما سهرت كل من اللجنة الوطنية للإشراف على الانتخابات المكونة من 362 قاضيا واللجنة الوطنية المستقلة لمراقبة الانتخابات المشكلة من ممثلي المترشحين الستة وهياكلهما عبر مختلف الولايات والبلديات على مراقبة مدى التزام المترشحين بنصوص القانون الذي ينظم سير هذه العملية، وتلقت لجنة الإشراف في إطار عملها 237 إخطارا. وسوف تواصل اللجنتان عملهما إلى غاية الإعلان عن النتائج الخاصة بهذا الاقتراع وتحرير تقريرهما بشأن عملية الإشراف والمراقبة، مع الإشارة إلى أن هذه الانتخابات الرئاسية تجري تحت معاينة الملاحظين الدوليين وممثلي وسائل الإعلام الدولية التي تم اعتمادها لتغطية هذا الحدث الهام. ومع تسخير كل هذه الضمانات والوسائل المادية والبشرية التي من شأنها الحد من التأثيرات السلبية التي قد تمس بمصداقية هذا الموعد الانتخابي، يبقى الضامن الأخير والأكبر هو إسهام المواطن في إنجاح هذا الاستحقاق الرئاسي، وذلك من خلال التصويت بكثافة، تكريسا للممارسة الديمقراطية، وإعلاء لشرعية الشعب وسيادته.