سيؤدي رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، غدا، اليمين الدستورية بعد إعلان المجلس الدستوري النتائج النهائية والرسمية للانتخابات الرئاسية التي فاز بها بالأغلبية الساحقة. ومن المنتظر أن يكون أداء اليمين الانطلاقة التي تسمح لحامل شعار “تعاهدنا مع الجزائر”، بتنفيذ برنامج “التجديد الجزائري” الذي رفعه ممثلوه خلال الحملة الانتخابية، والذي سيجمع بين الاستمرارية في الإنجازات وإقامة إصلاحات جديدة بعد تعديل الدستور المنتظر من طرف الشعب الذي صوّت عليه بنسبة 81.52 بالمئة بمنحه 8.531.311 صوت. من المقرر أن يؤدي رئيس الجمهورية، اليمين الدستورية بموجب أحكام المادة 75 من الدستور، التي تلزم الرئيس بتأدية اليمين أمام الشعب بحضور جميع الهيئات العليا في الأمة خلال الأسبوع الموالي لانتخابه. وستتم مراسيم هذا الحفل غدا، بقصر الأمم بحضور الشخصيات الوطنية ومسؤولين سامين في الدولة، وكذا أعضاء البرلمان بغرفتيه. وسيشرع السيد عبد العزيز بوتفليقة، في أداء مهامه كرئيس للجمهورية لعهدة رابعة مباشرة بعد هذا التاريخ، بموجب أحكام المادة 75 من الدستور التي تقضي بأن يباشر رئيس الجمهورية، مهامه مباشرة فور أدائه اليمين. ومن المزمع أن يقوم الرئيس، مباشرة بعد أدائه اليمين بإعادة تشكيل الحكومة، وإعلان استقالة الحكومة الحالية التي يرأسها السيد يوسف يوسفي، كوزير أول بالنيابة خلفا للسيد سلال، الذي استقال وكلف بإدارة الحملة الانتخابية للمترشح عبد العزيز بوتفليقة. وتبقى هذه الحكومة الشغل الشاغل للمواطن هذه الأيام، وحديث العام والخاص الذي يترقب بفارغ الصبر ما سيأتي به الرئيس، وهل سيُبقي على الوزراء الحاليين باستثناء بعض التعديلات الخفيفة التي ستشمل بعض الوزارات فقط، أم سيستعين بوجوه جديدة لتولي الحقائب الوزارية، أو شخصيات حزبية كما توقع الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، عمار سعداني، الذي قال للصحافة مؤخرا بأن “الرئيس سيشكّل حكومة مكوّنة من الأحزاب السياسية”. كما تطرح عدة تساؤلات عمن سيحظى بثقة الرئيس في تولي الوزارة الأولى، وهل سيُبقي الرئيس على عبد المالك سلال، الذي يعد المرشح الأوفر حظا لهذا المنصب، أم سيستعين باسم آخر لقيادة الجهاز التنفيذي، إذا علمنا أن حزب جبهة التحرير الوطني لم يخف نيته في استعادة هذا المنصب من موقعه كحزب الأغلبية، كما عبّر عنه صراحة السيد سعداني. وكان رئيس الجمهورية، في آخر رسالة وجهها للشعب الجزائري هنّأه فيها على انتخابه يوم الثلاثاء الماضي، قد وعد بتكريس عهدته الرئاسية للتشييد الوطني استجابة لطموح الشعب الذي منحه ثقته للمرة الرابعة على التوالي، واختاره من بين ستة مترشحين تنافسوا طيلة 22 يوما من عمر الحملة الانتخابية ببرامج مختلفة، اختار منها الشعب البرنامج الأقرب إلى تطلعاته من حيث التركيز على الأمن والاستقرار اللذين كانا الورقة الرابحة التي حصدت عددا معتبرا من الأصوات التي استفاد منها المترشح، إن لم نقل كل الأصوات التي زكّته. ووعد رئيس الجمهورية، في رسالته الأخيرة الشعب بمخاطبته قريبا لتجديد التزاماته نحوه، ولعل هذه الالتزامات التي تحدث عنها الرئيس، ستتناول برنامجه خلال الخماسي المقبل في المجالات الاجتماعية، الاقتصادية والسياسية، على أن تخصص المجالات الاقتصادية لمواصلة برامج التنمية والإنجازات التي استحسنها الشعب منذ 15 سنة، في ميادين عدة خاصة السكن، إذ تعهد مدير حملته الانتخابية السيد عبد المالك سلال، خلال كل خرجاته في الحملة الانتخابية بمواصلة برامج السكن بمختلف صيغه للقضاء نهائيا على أزمة السكن في الجزائر في السنوات القليلة القادمة”. فيما ستخصص المجالات السياسية لالتزامات الرئيس لإقرار إصلاحات ستجسد بعد تعديل الدستور الذي من المتوقع أن يضعه من بين أولى أولوياته، والذي سيسمح بتعزيز الديمقراطية والحريات وغيرها من المكاسب السياسية التي تعد بمثابة العمود الفقري للعصرنة والازدهار، والمؤشر الرئيسي الذي يقاس به مدى تقدم كل أمة. ويبقى الاستقرار المحرك الأساسي للدفع بعجلة النمو، حيث لا يمكن لأي دولة مهما كانت قوتها وإرادتها السياسية والشعبية أن تتطور اقتصاديا في غياب الاستقرار والأمن، إذ ينتظر من رئيس الجمهورية، اتخاذ التدابير التي يراها مناسبة لحماية الاستقرار والحفاظ على السلم بفضل الدستور الجديد، كما سبق وأن قام به منذ اعتلائه سدّة الحكم عندما كانت الجزائر تتخبط في أزمة أمنية خانقة. وهو ما ينتظره عامة الشعب خاصة وأن الجزائر توجد في محيط جيو سياسي، يعرف اضطرابا بسبب ما تعيشه بعض البلدان المجاورة من أزمات أمنية، الأمر الذي يستدعي السهر على تأمين حدوده والتحلّي باليقظة والوعي لمواجهة هذه التحديات والحفاظ على استقرار الجزائر.