تفعيل دور المؤسّسات التربوية في التحفيز والتشجيع على القراءة وكذا فتح المؤسّسات التعليمية ومخابر البحث بشراكة حقيقية مع المؤسّسات المكلّفة بالثقافة، للوصول إلى أسباب العزوف عن القراءة وتأطير التوجّهات الحديثة من خلال المعايير والتقنيات التي تساعد المكتبات والفضاءات العمومية على الترويج لدورها الفعلي والتكوين الحقيقي والمستمر للكفاءات على مستوى هذه المكتبات، بغية بلوغ السياسة الثقافية المسطّرة حاليا مع بداية التحضير للطبعة الخامسة للملتقي، تعد من أهم التوصيات التي توجت بها أشغال الملتقى الوطني الرابع حول ”المكتبات والفضاءات العمومية في ظلّ السياسة الثقافية الحالية” الذي احتضنته مؤخرا كلية العلوم الإنسانية بجامعة وهران. وتمّ أيضا التأكيد على ضرورة إعادة النظر في تصميم المكتبات العمومية، حيث أوضح بهذا الخصوص مدير مخبر البحث في أنظمة المعلومات والأرشيف في الجزائر بجامعة وهران، السيد عبد الإله نابي، بأنّ تغيير تصميم المكتبات العمومية بات حاليا أمرا ضروريا لاستقطاب المستعملين وجذب اهتمامهم من خلال الفضاءات والاهتمام بنمط تصميمها المعماري والرفع من مستوى الخدمات التي توفّرها للقارئ، ليس فقط قصد ترقية المطالعة، لكن بهدف ضمان التكوين وجعلها أماكن للتبادل باستخدام وإقحام التكنولوجيات الحديثة وتطبيقات الأنترنت. كما أجمع جل المتدخلين خلال أشغال هذا الملتقى، على أن ولاية وهران رغم كونها ثاني عاصمة للبلاد لا تتوفّر على مكتبات ملائمة تستجيب للمعايير والمقاييس الدولية المعمول بها، بل لا ترقى -حسبهم- حتى لتنافس نظيراتها بالدول العربية، فيما تبقى المكتبات المتواجدة عبر تراب الولاية غير مستغلة بشكل جيد وتشهد إقبالا محدودا. ورغم مساعي الدولة لإنشاء مكتبات عمومية عبر ولايات الوطن، ورصدها أغلفة مالية هامة، حسب الأستاذ غوار عفيف باحث في قسم علم المكتبات بكلية العلوم الإنسانية والحضارة الإسلامية بجامعة وهران، فإن ”هذه الجهود تظل غير كافية بالنظر إلى أهمية دور المكتبات العمومية”. وفي عرضها لبيانات منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة ”اليونسكو” المخصّصة للمكتبة العمومية، اعتبرت الأستاذة نادية ونزار من جامعة وهران، أنّه يجب بذل المزيد من الجهود لجعل المكتبة العمومية مركزا محليا للإعلام، حيث يمكن العثور فيها بسهولة على جميع أنواع المعارف والمعلومات، ومن جهتها قدّمت السيدة سامية بلبشير رئيسة مصلحة المكتبة العمومية ”مالك بن نبي” بولاية عين تموشنت، لمحة عن واقع هذا المرفق، داعية إلى تسيير أفضل لفضاءاته من خلال ترقية نشاطات أخرى تلبي احتياجات المستعملين والمترددين على مثل هده المرافق. كما ناقش المتدخلون خلال اليوم الأوّل من الملتقي الذي أشرفت على تنظيمه مديرية الثقافة بالتنسيق مع كلية العلوم الإنسانية بجامعة وهران في إطار الاحتفال باليوم العالمي للكتاب، العديد من المحاور، منها ”المكتبات العمومية والفضاء المفتوح”، ”استراتيجيات المطالعة في الفضاءات المفتوحة”، ”المنطق الثقافي والتوجّهات التجارية في الفضاءات المفتوحة” و«التوجّهات التكنولوجية والممارسات والاستعمالات”. كما تناول المشاركون من أساتذة وباحثين في علم المكتبات ومسيرين للمكتبات العمومية وفضاءات المطالعة، عدّة مواضيع من أبرزها ”مفهوم الوساطة الثقافية في مكتبات المطالعة العمومية”، ”فضاءات المطالعة العمومية في الجزائر، الأنواع والتحديات وقطاع النشر في الجزائر” و«المجموعات المرقمنة في المكتبات”. كما تمّ عرض، في هذه التظاهرة الثقافية، تجارب لتسيير مكتبات المطالعة العمومية الرئيسية بولايات تلمسان، سيدي بلعباس، معسكر وعين تموشنت، فضلا عن عرض محاضرات عبر ملصقات لمشاريع ماستر في اختصاص هندسة المعلومات والوثائق وإقامة معرض للكتاب ساهمت فيه عدد من دور النشر.