طالبت المجاهدة زليخة بقدور، بضرورة الاعتراف بمجهود الجزائريات اللواتي قدمن النفيس لتحرير الجزائر، داعية وزارة المجاهدين إلى إحصاء الطالبات والطلبة الذين جاهدوا وبعضهم استشهدوا من أجل هدف أسمى، تمكّنوا من تجسيده على أرض الواقع. وأضافت المجاهدة زليخة بقدور خلال المحاضرة التي ألقتها نهاية الأسبوع الماضي بمكتبة ”ديدوش مراد”، حول ”رسالة حسيبة بن بوعلي إلى أهلها”، أنّه يجب وضع صور حسيبة بن بوعلي في كلّ مكان لأنّها كانت بحق رمزا للمرأة الجزائرية المجاهدة، مطالبة في نفس السياق عدم تناسي دور المرأة الكبير في تحرير البلد من ضيم الاستعمار الفرنسي. وركزت المجاهدة على أهمية دور المرأة في نصرة البلد، ليس فقط تلك التي كانت في المدن وكانت تضع القنابل، بل حتى تلك التي كانت تقطن الأرياف وساعدت المجاهدين وأطعمتهم وآوتهم، وكذا تلك التي صعدت إلى الجبال وعملت في التمريض. وعن موضوع المحاضرة، قالت زليخة بأنّها تعرّفت على حسيبة بن بوعلي حينما كانتا تدرسان في نفس الثانوية (عروج بالقرب من الجامعة المركزية)، وكانت حسيبة في السنة الأولى ثانوي بينما كانت زليخة تحضر لشهادة البكالوريا، مضيفة أن حسيبة كانت شابة جميلة جدا، محافظة ومتواضعة، موضحة أنّ العلاقة بينها وبين حسيبة انقطعت تماما بعدما تحصّلت على شهادة البكالوريا والتحقت بشبكة صنع القنابل تحت إمرة المجاهد عزوز بن صادوق، وكانت تضم عدّة أشخاص من بينهم الطبيب تمسيت، لتتوقّف عند هذه النقطة، حيث أكّدت على أن العديد يعتقدون بأنّ المسلمين فقط هم الذين ساهموا في نصرة البلد، بيد أن هناك من الشيوعيين وآخرين من كانوا بجنب قضية الجزائريين. وتناولت المجاهدة رسالة حسيبة بن بوعلي التي أرسلتها إلى عائلتها حينما كانت متخفية في القصبة، وكانت تحضّر نفسها للانتقال إلى الجبال لمساندة رفقاء الجهاد، إلاّ أنّ هذه الرسالة لم تصل إلى الوجهة المقرّر لها، ووجدها المستعمر حينما قبض على ياسف سعدي وزهرة ظريف، ومنه وجدتها المؤرخة مليكة القورصو بالأرشيف الفرنسي. وصرحت زليخة بقدور ل”المساء”، بأنّها كبرت في وسط نضالي وترشحت لعضوية اتحاد الطلبة المسلمين الجزائريين بطلب من عمارة رشيد حينما التحقت بالجامعة، وتحصّلت على المرتبة الأولى، إلاّ أنها لم تستطع الحضور خلال تعيين أعضاء الاتحاد بسبب مرض ألمّ بها لتجد نفسها مكلّفة بالمالية، أمّا الرئيس فكان محمد الصديق بن يحيى. وأشارت المتحدثة إلى العقلية الجزائرية في تلك الفترة، حيث تمّ التصويت على امرأة من دون التعرّف عليها، وهو دليل على قيمة المرأة وطبيعة العلاقات بين الجنسين، لتنتقل إلى مسألة إضراب الطلبة يوم 19 ماي من عام 1956، وكيف أنّ الطلبة من الثانويات والجامعات التقوا في أكثر من مناسبة للتصويت على الإضراب من عدمه. وفي هذا السياق، أشارت المجاهدة إلى أنّ القلة القليلة من الطلبة رفضوا الإضراب، معتبرة أنّه لو لا هذه الخطوة، لما تقلّد الطلبة مناصب مسؤولية في الولايات، لتفنّد قول زهرة ظريف التي اعتبرت ”أنّ الإضراب كان غلطة”. والتحقت المجاهدة زليخة بالجبل، بعد أن تعلمت أصول التمريض على يدي محمد الصغير النقاش، لتجد نفسها في الولاية الخامسة وتحصّلت على بطاقة تعريف مزوّرة باسم فرنسي حتى تتمكّن من التنقّل بسهولة، لكن تم القبض عليها يوم 11 نوفمبر 1956، ومكثت فترة في السجن، حيث تعلمت اللغة العربية الفصحى. وتحدثت زليخة عن والدتها التي سمحت لها بالصعود إلى الجبل، حبا للوطن، لتؤكّد من جديد على ضرورة الاعتراف بنضال الجزائريات لأجل هذه الأرض الطيبة، في المقابل، حثت المتحدّثة السلطات المختصة على الاهتمام بمكان خبئت فيه المجاهدة التي رحلت مؤخرا إيفلين لافالات زوجة عبد القادر سفير، المجاهدين عبان رمضان والعربي بن مهيدي وكريم بلقاسم وعمران ودحيلس في صيف 1956، والذي يقع بشارع ”محمد الخامس”.