في خمسينية الاحتفاء بعيد الاستقلال تحتاج الممرضة المجاهدة والشهيدة في اليوم العالمي للتمريض المتزامن مع يوم 12 ماي إلى وقفة عرفان، وذكرى كي لا تنسى الأجيال أن الجزائرية بالأمس وجدت نفسها مجبرة على تعلم فنون التمريض في مدة قياسية حتى تخفف آلام المصابين بل تساهم في إنقاذ العديد من الأرواح بإمكانيات تكاد تكون منعدمة. تؤكد شهادة المجاهدين والكتابات التي نقلها المؤرخون أن إضراب الطلبة الجزائريين بتاريخ 19 ماي 1956 جاء محطة فاصلة سمحت بالتحاق عدد معتبر من الطالبات بالثورة التحريرية المجيدة، هذا ما دفع قيادة الثورة إلى توجيه العديد منهن نحو التمريض بهدف توفير العلاج الذي كان المجاهدون في أمس الحاجة إليه. ولعبت الجزائرية بحيوية ونشاط تستمد قوتها من حب الوطن، دورا رائدا وبإمكانيات ضئيلة في مجال التمريض بمستشفيات جيش التحرير الوطني عبر كامل التراب الوطني،وعلى مستوى القاعدتين الخلفيتين بتونس والمغرب. يذكر أنه في مطلع سنة 1955، كانت عمليات التمريض تتم بشكل تلقائي وبوسائل بسيطة وتقليدية، ولكن مع اتساع رقعة الثورة وتضاعف العمليات العسكرية، صار من الضروري التفكير في إنشاء المراكز الصحية،ودعم السلك الطبي بالممرضين والممرضات والأطباء والطبيبات فأقبلت الفتاة الجزائرية على مهنة الملائكة دون تردد. ومن أبرز الأسماء التي احترقت في مهنة تخفيف آلام جروح جسد الآخر تحت لهيب الثورة، نذكر كل من مسيكة زيزة التي التحقت بالثورة نهاية 1956، واتفق على أنها نموذجا حقيقيا للحيوية و النشاط لأنها أشرفت على مركز صحي في منطقة محرمة بأعالي القل، ولم تدخر جهدا إلى غاية استشهادها، من جهتها رقية غيموز مارست التمريض في صفوف جيش التحرير بالقل ثم انتقلت إلى ولاية قسنطينة. ونجد كل من الممرضة مليكة خرشي بالولاية الثانية، وبالولاية الثالثة نذكر ممرضة أخرى تحمل بدورها اسم مليكة وأثنى العقيد عميروش كثيرا على صمودها و شجاعتها. وعلى مستوى الولاية الرابعة يؤكد أنه تم تسجيل تواجد مالايقل عن 14 فتاة يتراوح، سنهن بين 16 سنة و 20 سنة منهن 10 ممرضات يحملن الشهادات التي تؤهلهن لممارسة مهنة الملائكة، تتصدرهن الشهيدة مسعودة باج التي غادرت مقاعد الدراسة لتكون ممرضة في صفوف الثورة فقدمت، الكثير من الخدمات باخلاص وانضباط كبيرين. ولم تبخل المجاهدة الممرضة أنيسة بركات درار بجهدها وخدماتها للثورة بالولاية الخامسة إلى جانب كل من جميلة مهدي بمستشفيات جيش التحرير، كما أنه لم تتأخر المرأة بالولاية السادسة في الاحتراق للتخفيف من آلام المجاهدين والمواطنيين الجرحى، فكلهن شهيدات أو مجاهدات يستحقن وقفة تكريم للذكرى وكذلك للعرفان.