يهدف مشروع تعديل الدستور إلى تكريس حقوق الإنسان وحمايتها من خلال تعزيز الحريات الفردية والجماعية، والحفاظ على العديد من المكاسب التي سبق وأن جاءت بها القوانين السابقة بضمان تطبيقها ميدانيا، كما وعد بذلك رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، خلال حملته الانتخابية تجسيدا لدولة القانون وبرنامج إصلاح العدالة اللذين ينطلقان من مبدأ حماية الحقوق والحريات. خصص مشروع تعديل الدستور الذي وزعت مسوّدته نهاية الأسبوع، على الأطراف التي وجهت لها الدعوة للمشاركة في المشاورات الخاصة به أهمية قصوى لحقوق الإنسان، خاصة ما تعلق بحماية الحق في ممارسة الشعائر الدينية وحرمة المعتقد، وكذا احترام حرية التعبير والاجتماع وإنشاء الجمعيات، وفقا لما وعد به الرئيس، ونزولا عند مطلب شريحة واسعة من المجتمع التي دعت إلى ذلك في مناسبات عدة. وقد لقي هذا الاقتراح ترحيبا واسعا من كل الأطراف خاصة النقابات والمنظمات وهيئات المجتمع المدني، تكريسا لمبدأ أساسي من مبادئ الديمقراطية المتمثل في حرية التعبير والنقد واحترام الرأي المخالف. وشكل موضوع منع تمديد مدة التوقيف للنظر إلا في حالات استثنائية، ووفقا للشروط المحددة في القانون إحدى الأولويات التي حددها مشروع التعديل الدستوري الذي أقره رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، في إطار مواصلة مسار الإصلاحات السياسية بغية تعزيز دولة الحق والقانون، والذي تراه الجهات القانونية أهم تعديل يستجيب لتطلعات المواطن في مجال احترام حقوق الإنسان مراعاة لعواطف وكرامة المتهمين وعائلاتهم إلى غاية محاكمتهم، انطلاقا من مبدأ أن "المتهم بريء إلى غاية ثبوت إدانته". وفي هذا السياق نصّت الوثيقة على أن التوقيف للنظر في مجال التحريات الجزائية يخضع للرقابة القضائية، ولا يمكن أن تتجاوز مدته ثمان وأربعين ساعة يجب أن يعلم الشخص الذي يوقف للنظر بحقه في الاتصال فورا بأسرته. كما لا يمكن تمديد مدة التوقيف للنظر إلا استثناء ووفقا للشروط المحددة في القانون، وأنه لدى انتهاء مدة التوقيف للنظر يجب أن يجري فحص طبي للشخص الموقوف إن طلب ذلك على أن يعلم بهذه الإمكانية. ودائما في مجال إصلاح قطاع العدالة، سيضمن الدستور المقبل الحق في محاكمات منصفة، كما يمنع الحبس في أماكن لا ينص عليها القانون حماية لحقوق الإنسان ومبدأ أنسنة السجون، كون كل المعاهدات الدولية والقوانين المعمول بها في الدول المتقدمة تؤكد على أن معاقبة السجين هو حرمانه من حريته فقط مع ضمان حقه كإنسان. وجاء هذا الاقتراح أيضا نزولا عند مطلب شريحة واسعة من رجال القانون الذين ألحوا على ضرورة النظر في هذه النقطة حماية لحقوق الشخص المتهم وسمعته عند اتهامه أو تورطه في جنح بسيطة. ليكون هذا الاقتراح عند اعتماده لبنة إضافية تضاف لبرنامج إصلاح العدالة الذي باشره رئيس الجمهورية، منذ سنة 2005، والذي وعد بتعميقه في عهدته الحالية، حسبما أكده ممثلوه في كل التجمعات التي نظموها في إطار الحملة الانتخابية لرئاسيات 17 أفريل الأخير، حيث ذكروا بأن الرئيس، سيضع قطاع القضاء من بين أولوياته في الإصلاحات التي سيطلقها. ولوضع حد للإجرام والآفات الاجتماعية التي عادة ما يكون سببها المشاكل الاجتماعية العائلية، وانفصال الوالدين سيعمل الدستور المقبل على حماية الأطفال من التشرد وإدماجهم في المجتمع لتفادي انخراطهم في عالم الجريمة، وحماية المعوقين والمسنّين وضمان حقوقهم. ومن جهتها رحبت الأسرة الإعلامية بالاقتراحات خاصة في شقها المتعلق بضمان حرية الصحافة بدون قيد بأي شكل من أشكال الرقابة المسبقة في ظل احترام حقوق الإنسان، وعدم التجريح أو المساس بكرامة الغير وحرياتهم وحقوقهم. إذ من المتوقع أن يكرّس الدستور المقبل خارطة الطريق التي تحدث عنها رئيس الجمهورية، في رسالته الأخيرة التي وجهها للصحافة بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحرية التعبير، حيث ترى الأسرة الإعلامية أن الإجراءات الجديدة التي سيأتي بها الدستور ستضمن حق المواطن في الإعلام، وتحمي حريته الشخصية، كما تضمن للصحافة هامشها من الحرية في كشف الفساد والإجرام. وعبّرت العديد من الأطراف التي وجهت لها هذه الوثيقة عن استعدادها لإثرائها ضمانا لحقوق الإنسان التي تتطلع إليها الجزائر في هذا المجال، لتحقيق التغيير المنشود الذي تطمح إليه شريحة واسعة من المواطنين لبناء دولة عصرية تتماشى قوانينها مع ما هو معمول به في الدول المتقدمة التي قطعت أشواطا معتبرة في مجال الحقوق والحريات.