وضع مدير ديوان رئاسة الجمهورية أحمد أويحيى المسودة الخاصة بتعديل الدستور على طاولة كل الشركاء والفاعلين في الساحة السياسية، كونه المشرف على سلسلة اللقاءات والتي سيتم تنظيمها مطلع جوان المقبل، حيث يندرج مشروع القانون المتضمن تعديل دستوري في إطار مواصلة مسار الإصلاحات السياسية.ويرمي الإصلاح الذي سيشهده الدستور الجزائري لمراجعة القانون الأساسي، و لتعزيز الفصل بين السلطات، إضافة الى تدعيم استقلالية القضاء ودور البرلمان، وتأكيد مكانة المعارضة وحقوقها، وضمان المزيد من الحقوق والحريات للمواطنين، كما ستمس التعديلات المقترحة في هذا الإطار، المحاور الأساسية الأربعة من الدستور، والمتمثلة في الديباجة، المبادئ العامة التي تحكم المجتمع ولا سيما حقوق وحريات المواطن، تنظيم السلطات، والرقابة الدستورية.ووجه أويحيى 150 دعوة إلى مختلف الشركاء، مكونة من 36 شخصية وطنية و64 حزبا معتمدا ورئيس المجموعة البرلمانية للثلث الرئاسي بمجلس الأمة ورئيس المجموعة البرلمانية للأحرار بالمجلس الشعبي الوطني، كما وجهت إلى 10 منظمات وطنية و27 جمعية وطنية تمثل حقوق الإنسان والقضاة والمحامين والصحفيين والقطاع الاقتصادي والشباب والطلبة، وكذا إلى 12 أستاذا جامعيا تمت دعوتهم بالنظر إلى كفاءاتهم، وذلك قصد المشاركة في التشاور حول مراجعة الدستور، وذلك طبقا للقرارات التي أعلن عنها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة خلال اجتماع مجلس الوزراء المنعقد الأسبوع الفارط، حيث أرفقت هذه الدعوات بالمقترحات التي صاغتها لجنة من الخبراء، وبمذكرة توضح المسعى. عبارات جديدة وتحديد للعهدات حملت مسودة تعديل الدستور محورا خاصا حيث تضمنت النظر في المادة 74 منه، إذ تم التطرق إلى دسترة التداول الديمقراطي على الحكم، من خلال إقراره في ديباجة الدستور، وترجمته في صلب النص بتحديد عدد العهدات الرئاسية، ويشكل هذا المبدأ احد مقتضيات الديمقراطية وأحد دعائمها الأساسية، كما يتناول التعديل إضافة عبارة - الشعب الجزائري- لإبراز دوره التاريخي في إقامة دولة عصرية ذات سيادة من جهة. حماية للحقوق من كل الضغوطات تضمنت المسودة الأخيرة الخاصة بتعديل الدستور دعم حماية الاقتصاد الوطني، للتمكن من محاربة الآفة الخطيرة بفعالية، وتعزيز الحكامة في الجزائر، كما يضم التعديل أيضا دعم ضمانات احترام عدم تحيز الإدارة، وإقرار معاقبة القانون كل إخلال بهذا المبدأ الدستوري، إضافة الى إقرار حرية ممارسة الشعائر الدينية في إطار القانون، وحرية الصحافة ضمن احترام حقوق وحريات الغير ومنع ممارسة أي رقابة مسبقة عليها، وحرية التظاهر والتجمع بطريقة سلميتين، والحق في محاكمة عادلة، ومنع الحجز أو الحبس في أماكن غير مقررة قانونا، وإلزامية إبلاغ الشخص الموقوف للنظر بحقه في الاتصال بعائلته، وإلزامية إخضاع القاصر الموقوف للنظر للفحص الطبي، وحماية بعض الفئات الاجتماعية الأكثر ضعفا. تنظيم للسلطات بالبلاد أقرت المسودة النظر في شروط الترشح لرئاسة الجمهورية مع مراعاة أهمية الوظيفة الرئاسية، وبإعادة ترتيب السلطة التنفيذية بهدف ضمان مرونة أفضل في العلاقات بين مكوناتها، وإضفاء المزيد من الفعالية على عمل الوزير الأول من خلال تدعيم صلاحياته، ومنحه سلطة إخطار المجلس الدستوري. دعم البرلمان لتحقيق التوازن بين غرفتيه تهدف التعديلات المقترحة إلى تعزيز مبدأ الفصل بين السلطات من خلال دعم دور البرلمان في اتجاه تحقيق توازن أكبر بين غرفتيه، ومضاعفة صلاحياته، بتخويل مجلس الأمة حق المبادرة وحق التعديل في المواضيع المحدّدة حصرًا، إضافة الى دعم آليات رقابة البرلمان لعمل الحكومة بهدف توفير شروط الحكامة الجيدة، بالإضافة الى منع تغيير الانتماء السياسي أثناء العهدة، مع الحفاظ على طابعها الوطني، كما أكدت المسودة على منح الأقلية البرلمانية حقوق، لا سيما حق إخطار المجلس الدستوري، حول مدى مطابقة نصوص قانونية للدستور، بمعنى منازعة القوانين التي صادقت عليها الأغلبية البرلمانية، والمراسيم الرئاسية، وكذلك حق اقتراح جدول أعمال يعرض على المجلس الشعبي الوطني للنقاش. ..زيادة في عدد الأعضاء واستحداث منصب نائب بالمجلس الدستوري لم تستثن مسودة الدستور قطاع القضاء حيث برمجت ضمن مقترحاتها توسيع استشارة مجلس الدولة مسبقا، في الأوامر وجوبا، وفي اقتراحات القوانين والمراسيم الرئاسية اختياريا، وذلك بمبادرة من رئيس الجمهورية أو رئيس إحدى غرفتي البرلمان ووفق شروط وإجراءات منصوص عليها في الدستور، كما سيتم من خلالها حماية القاضي من كل أشكال الضغوط والتدخلات والمناورات، بإقرار حقه في التماس المجلس الأعلى للقضاء في حالة تعرضه لإحدى هذه الحالات، وبدعم تمثيل السلطة القضائية في المجلس الدستوري برفع عدد القضاة في هذه المؤسسة، إضافة الى إعادة النظر في تنظيم المجلس الدستوري، لا سيما في تشكيلته بزيادة عدد أعضائه لضمان تمثيل متوازن للسلطات الثلاثة بداخله واستحداث وظيفة نائب رئيس المجلس الدستوري لضمان استقرار وديمومة المؤسّسة.وتجدر الإشارة الى أن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة كان قد أكد خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير بأن مراجعة الدستور تعد "محطة هامة في حياة الأمة. وهي تستحق, من ثمة, مشاركة كافة الفاعلين السياسيين في كنف احترام الاختلافات وحتى الخلافات، كما أعرب في وقت سابق عن رجائه في أن تفضي ورشة المشاورات إلى مراجعة توافقية للدستور.