المناسبات التكريمية التي تبادر بها المديرية العامة للأمن الوطني، تحت شعار ”الروح الرياضية” تستحق أكثر من وقفة، وتستوجب الإشادة والتشجيع وأكثر من ذلك انخراط كل الفاعليات الرياضية والتربوية، وهيئات المجتمع المدني لتحقيق أهداف هذه الفكرة النبيلة. وإذا كانت مديرية الأمن هي من يواجه عنف الملاعب في نهاية المطاف. فإن هناك جهات عديدة تقع عليها مسؤولية عدم القيام بدورها ليس للقضاء على هذا النوع من العنف ولكن للحدّ منه قدر المستطاع. ولا أبالغ إذا قلت أن الأسرة هي حجر الزاوية في هذه العملية التربوية بامتياز، تليها المدرسة حيث يتجمع الأطفال ويتفاعلون رغم الاختلافات التي يأتون بها من أسرهم الفقيرة منها والمتوسطة وميسورة الحال إلى التي تعيش حالة الرياش، وتجد المدرسة ممثلة في المعلم نفسها مجبرة على تقريب السلوكات الاجتماعية التي يفرضها المستوى المعيشي على الأطفال، وتشكل سلوكاتهم وردود أفعالهم في أخطر سن يكوّن شخصية شاب الغد ورجل الغد. ولا أجدني مضطرا هنا إلى التذكير بالقائلين من الدارسين والمفكرين بأن أسباب الصراعات والنزاعات في كثير من الأحيان هي الفروق الاجتماعية، وتباين المستويات المعيشية في المحيط الواحد والمجتمع الواحد. وهنا تصبح الروح الرياضية (التي هي قبول الآخر واحترام أفكاره وقناعاته في الرياضة وغير الرياضة) في حاجة إلى تدخل كل الفاعليات الاجتماعية والتربوية لتكريس ذهنية الفرجة عند الشاب، وليس النزعة العدوانية التي ألفتها - للأسف- ملاعبنا قبل أن تسود شوارعنا بعد كل مقابلة رياضية. وبالتالي فإذا قامت كل هيئة بدورها المناسب في الوقت المناسب وبالأسلوب المناسب أصبح دور رجل الأمن سهلا وواضحا، أراه يتمثل في المرافقة الأمنية وليس في المواجهات الدامية التي يتضرر فيها رجل الأمن أكثر مما يصاب فيها مقترفو الشغب.