يرتكز مخطط عمل الحكومة الذي يعرضه اليوم، الوزير الأول السيد عبد المالك سلال، على إرساء ديمقراطية تشاركية من خلال المحاور التي جدد على أساسها الشعب الجزائري ثقته في رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، يوم 17 أفريل الفارط، إلى جانب منح الأولوية للمجال الوطني المنتج، من خلال البحث عن مصادر تدر بالمنفعة على البلاد خارج قطاع المحروقات. وتشير الوثيقة الحكومية بوضوح إلى أن مخطط عمل الحكومة مستلهم من برنامج رئيس الجمهورية، الساعي إلى تنفيذ برامج تنموية مؤسسة على نظام إصلاحات متعددة القطاعات، بهدف تدارك التأخر المسجل وتوفير الشروط الضرورية لوضع الاقتصاد الوطني على "درب العصرنة والنمو المستدام بما يمكّنه من الارتقاء إلى مستوى الاقتصاديات الناشئة". وبعد التذكير بنتائج المصالحة الوطنية التي انتهجت ب«وفاء صارم (...) وبتصميم تام" والتي سمحت بالعودة إلى الهدوء ومعالجة آثار المأساة الوطنية بفعالية، أكدت الحكومة أنها ستعمل كما تنص وثيقة مخطط عملها على مواصلة تجسيد مسعى هذه المصالحة والاستمرار في "استقبال الأبناء المغرر بهم"، مع السهر على متابعة كل شخص قد يتسبب في المساس بسلامة المواطنين مع الالتزام بمحاربة كل أشكال التطرف، و«توطيد أسس المرجعية الدينية الوطنية". وبعد تحقيق النتائج الايجابية في مجال استتباب الأمن، تسعى الحكومة إلى ترقية مختلف الأنشطة الاقتصادية، حيث يحظى قطاع الفلاحة في هذا السياق بالأولوية من خلال تطوير النشاطات الفلاحية المنتجة بالارتكاز على ثلاثة محاور تتعلق بالتجديد الفلاحي والتنمية الريفية وعصرنة القطاع. وفي هذا الصدد، تراهن الحكومة على توسيع المساحات المسقية إلى مليون هكتار، واستصلاح الأراضي واستعمال بذور ذات نوعية، وتوسيع قدرات التخزين. في حين ينتظر تقليص العجز في المكننة وامتصاص الأراضي البور، واللجوء بشكل "أوسع" إلى البذور ذات النوعية، إضافة إلى تعزيز الحماية الصحية والصحة النباتية. أما فيما يتعلق بالتنمية الريفية فإن اهتمام الحكومة سينصب على صون الموارد الطبيعية وتحسين ظروف معيشة سكان الأرياف. كما ستمنح الأولوية للاستغلال الأمثل للأملاك الغابية من خلال تنفيذ مخططات لتهيئة الغابات على مساحة 172 ألف هكتار، ووضع برنامج "هام" لإعادة تشجير 340 ألف هكتار، منها 100 ألف هكتار من الأشجار المثمرة، كما سيتم الانطلاق في إنجاز حزام أخضر يستكمل السد الأخضر للحد من زحف التصحر. من جانب آخر، يسعى الجهاز التنفيذي فيما يتعلق بتعزيز نشاطات الصيد البحري وتربية المائيات، إلى تكثيف الجهود قصد مضاعفة الإنتاج الوطني من المنتجات الصيدية. ويتم ذلك بفضل إعادة تأهيل وعصرنة الأسطول الوطني، من خلال تنفيذ برنامج "هام" للتهيئة وتوسيع الهياكل الموجودة في مجال الموانئ وملاجئ الصيد ورفع قدراتها. أما في مجال الموارد المائية، فإن المخطط يهدف إلى مواصلة الاستثمارات التي شهدها القطاع قصد تأمين وفرة الموارد المائية عبر كافة التراب الوطني لمواجهة الحاجيات المتنامية باستمرار، والناجمة عن متطلبات التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي. كما تهدف البرامج الجديدة التي تضمنها المخطط إلى رفع قدرات تعبئة الموارد المائية بكل أشكالها التقليدية وغير التقليدية التي سيتم تعزيزها من خلال إنجاز العديد من التحويلات الكبرى وقنوات لجر المياه.
تطوير المنشآت الأساسية كما يتوقع توسيع شبكات التزويد بالماء الشروب وإعادة تأهيلها بهدف ضمان تغطية أمثل لحاجيات السكان وتوسيع وإعادة تأهيل شبكات التطهير، بالإضافة إلى رفع قدرات التطهير. وبالنظر إلى الأهمية التي يمثلها قطاع النقل، فإنه ينتظر الشروع في إنجاز العديد من المشاريع الجديدة والتي تخص تمديد وعصرنة شبكة الطرق والسكك الحديدية وهذا برسم برنامج لتطوير المنشآت الأساسية للخماسي 2015-2019. وفي هذا السياق، من المنتظر وفقا للمخطط الذي يعرضه الوزير الأول، أمام المجلس الشعبي الوطني في مجال ربط الطرق مواصلة توسيع شبكة الطرقات والطرق السيارة بإنجاز الطريق السيار للهضاب العليا، واستكمال إنجاز المنافذ الخاصة بالطرق السيارة، وإنجاز خطوط جديدة وعمليات ازدواجية بعض الطرق وعصرنتها. كما ينتظر أن يتعزز قطاع التجارة بمخطط توجيهي للمنشآت والتجهيزات التجارية وفقا لما جاء في مخطط عمل الحكومة لتنفيذ برنامج رئيس الجمهورية، الذي يركز أيضا على مواصلة عصرنة قطاع التجارة، واستكمال مسار التفاوض من أجل الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة. وحسب المخطط الحكومي، فإنه سيتم العمل على مواصلة امتصاص النشاطات التجارية الموازية، وإعادة نشر المتدخلين في ممارستها نحو منشآت وتجهيزات تجارية منظمة في انتظار إدماجهم النهائي في المجال التجاري المشروع. كما ستعزز شبكات التوزيع لاسيما من خلال إنجاز البرنامج الجاري المتضمن ألف منشأة تجارية جوارية، وإنجاز ثمانية أسواق للجملة للخضر والفواكه ذات أهمية جهوية ووطنية ووضعها حيز الاستغلال. أما في مجال العلاقات التجارية متعددة الأطراف فسيتم التركيز على مواصلة مسعى انفتاح الاقتصاد الوطني، واندماجه في الفضاءات الاقتصادية العالمية والجهوية. كما ستواصل مسار التفاوض من أجل انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة، وفق الشروط التي يجب حتما أن تسمح بصون مصالح الاقتصاد الوطني وترقية التجارة الخارجية للجزائر. ويندرج ذلك في إطار تعزيز أداء الاقتصاد الكلي مع أسس الاقتصاد الوطني، حيث أوضحت الحكومة أنها ستعكف بالنسبة للفترة الخماسية (2015 - 2019) على حشد كل الوسائل الضرورية من أجل تجسيد الأهداف المقررة في البرنامج الرئاسي، والتي تتوخى خصوصا "تحقيق نسبة سنوية للنمو قدرها 7 بالمائة قصد الحد من البطالة وتحسين ظروف معيشة المواطنين". «وفي هذا الإطار، ستواصل الحكومة الجهود التي شرع فيها في مجال تطوير المنشآت الاجتماعية الاقتصادية، وذلك مع السهر على ديمومة المخططات السابقة للتنمية وعلى ضمان التحكم في صيانة وتسيير المنشآت المستلمة". كما تشكل ترقية التشغيل ومكافحة البطالة أحد الأهداف الاستراتيجية للسياسة الوطنية للتنمية على مدى السنوات القادمة، حيث تنصب جهود السلطات العمومية على "بناء اقتصاد ناشئ متنوع"، من شأنه استحداث مناصب شغل وإنتاج الثروة وذلك بقيامه على أسس استراتيجية ترمي لضمان النجاعة والتنمية المستدامة الشاملة والمنصفة. حيث يتعلق الأمر في هذا الشأن ب«تعزيز الاستثمار" في القطاعات المستحدثة لمناصب الشغل، كالفلاحة والصناعة والسياحة والصناعة التقليدية، إلى جانب تشجيع تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بهدف "تحسين نسبة النمو السنوي، والحفاظ على الاتجاه التنازلي لنسبة البطالة لاسيما لدى الشباب وحاملي الشهادات".