المشاورات الجارية حول إثراء وثيقة تعديل الدستور فعل حضاري رغم كل ما سجّل حولها من ملاحظات، والمشاركة فيها إحساس قوي بالمسؤولية السياسية التي يفرضها الحس المدني عند المدعوين لها. ويأتي مشروع تعديل الدستور في وقت تنادي فيه جميع القوى السياسية وهيئات المجتمع المدني بالتغيير، ومن أجل ذلك يتوجب على هذه الفاعليات أن ترسخ هذا المبدأ في دستور يجري تعديله اليوم تحت شعار ”التوافق”. أما شعار المقاطعة الذي رفعه البعض حتى قبل الاطلاع على مشروع الوثيقة فيبدو غير منطقي من الأساس لأن ممارسة الكرسي الشاغر فعل سلبي من حيث المبدأ، ويفوّت على المقاطعين فرصة دعم التغيير الذي يزعمون دستوريا. وبالتالي تحقيق خطوات نحو هذا الهدف بدل الدوران في حلقة مفرغة نسمع فيها نفس نغمة المقاطعة في كل استحقاق حاسم. وللذين يصفون المقاطعة بأنها ذات وزن خاصة تلك المعبّر عنها من طرف شخصيات يقال أنها ذات ثقل، نقول بأن الفراغ في الأصل لا وزن له وأن الكرسي الشاغر لا ثقل له إلا وزن الخشب الذي صنع منه. اللهم إلا إذا كانت المقاطعة دليل غياب طرح جاد وفاعل، أو عناد لا ينبغي أن يكون له محل من الإعراب عندما يتعلق الأمر بوثيقة تحدد مصير المجتمع والبلاد حاضرا ومستقبلا. وإذا كان الحال كذلك فهل يريد المقاطعون أن يكون لهم دستور على المقاس، يأتي غدا من يرفضه ويريده هو الآخر على المقاس؟!