نجا الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، الذي يقود عملية كرامة ليبيا في مدينة بنغازي من عملية تفجير انتحاري استهدفه رفقة قيادات عسكرية موالية له كانوا في اجتماع تنسيقي بالمدينة. وكانت هذه العملية التي خلفت مقتل ثلاثة حراس بمثابة أول إنذار حقيقي للجنرال حفتر، من طرف مليشيات إسلامية مسلحة أكدت له انه ليس في مأمن هو الآخر، وجعلته يفقد صفة الرجل القوي أو الرجل اللغز الذي اقتحم بنغازي من اجل تطهيرها من بقايا التنظيمات الإرهابية التي استولت عليها حسب تبريراته المتتالية لعمليته العسكرية هناك. وبغض النظر عن الجهة التي وقفت وراء عملية الاغتيال فإنها أكدت أن لا احد أصبح في منأى عن عملية الاغتيال في كل ليبيا من حفتر الى الوزير الأول احمد معيتيق، الذي تعرض مقر حكومته لعملية قصف بقذيفة صاروخية أو قائد هيئة أركان ما تبقى من الجيش الليبي الذي نجا هو الآخر من عملية اغتيال استهدفته في العاصمة طرابلس أول أمس. وأشرت العملية أيضا على أن الانفلات الأمني العام ما انفك يتكرس ويزداد حدة رغم مزاعم الجنرال حفتر، انه قاد عملية كرامة ليبيا من اجل تطهير مدينة بنغازي ممن سماهم بالتنظيمات الإرهابية. كما أكدت عملية التفجير الانتحاري أن قوة موازية لقوات حفتر في عاصمة شرق ليبيا بإمكانها مقارعته ميدانيا، وأنها قادرة حتى على الوصول إليه واغتياله متى شاءت وأينما أرادت. ويؤكد "توازن القوى" غير المعلن بين قوات حفتر والإسلاميين الذين يصرون على مواجهة قواته أن الوضع العسكري في المدينة مرشح لتصعيد قادم، من منطلق أن لا احد من الجانبين يرغب في التراجع عن مواقفه على اعتبار أن ذلك يبقى مسألة بقاء أو موت، هيمنة أو اندثار. ويمكن القول أن ما تشهده مدينة بنغازي من أحداث دامية يبقى مجرد تصغير لأحداث المشهد الليبي في وضعه العام الذي ينذر بانفجار عنيف، وخاصة وان ما يجري في شرق ليبيا قد تتوسع رقعته لتشمل أيضا الأقاليم الأخرى. والمؤكد أن الانتحاري الذي نفذ العملية الانتحارية ضد الجنرال السابق، لو نجح في اقتحام المقر الذي كان يجتمع بداخله هذا الأخير رفقة الجنرال سقر الجروسي، قائد العمليات الخاصة للقوات الجوية في الجيش النظامي لكانت ضربة قوية لعملية "كرامة ليبيا". يذكر أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وجه أول أمس، انتقادات لاذعة للجنرال حفتر، ووصفه بعدو الإسلام وعميل الدول الغربية، وطالب كل الليبيين الى الثورة ضده وإجهاض عمليته العسكرية في نداء مماثل وجهته حركة أنصار الشريعة المحسوبة على تنظيم القاعدة العالمي، التي توعدت هي الأخرى حفتر بخاتمة شبيهة بتلك التي انتهى إليها العقيد معمر القذافي. وأمام تسارع الأحداث في بنغازي ومختلف المناطق الليبية، فقد الليبيون التواقون الى استعادة السلم والأمن المفقود منذ أكثر من ثلاث سنوات، بوصلتهم ولم يعد في مقدورهم فهم ما يحدث لهم ولبلدهم الذي كانوا يأملون أن يعيش الرفاه والحرية التي زعمت الدول الغربية أنهم حرموا منها في ظل النظام السابق. وكان استهداف مقر الحكومة في العاصمة طرابلس، حيث يوجد مقر الوزير الأول احمد معيتيق، بقذيفة صاروخية ليلة الثلاثاء الى الأربعاء انعكاسا لما يحدث في بنغازي، وقد يكون ردا على عملية بنغازي نفسها على اعتبار أن حفتر أبدى معارضة لمعيتيق الذي يحظى هو الآخر بدعم الأحزاب الإسلامية والسلفية ضمن حرب "قصاص" إن هي تواصلت فإنها ستكون وبالا على ليبيا.