أكد الرئيس الأوكراني الجديد بيترو بوروشنكو، في كلمة ألقاها مباشرة بعد تنصيبه الرسمي رئيسا جديدا في هذا البلد، أن أولى أولوياته تبقى المحافظة على الوحدة الترابية لأوكرانيا المهددة بموجات تمرد متلاحقة في شرقها وجنوبها. وتميز تصريح الرئيس الأوكراني، بتفاؤل حذر بعد التقارب المفاجئ الذي حصل بينه وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على هامش الاحتفالية السنوية التي تقام كل عام على ضفاف سواحل منطقة النورمندي الفرنسية. ويكون الرئيس بوروشنكو، قد استبشر خيرا بتصريحات الرئيس الروسي الذي أكد من جهته انه لمس موقفا ايجابيا لدى نظيره الأوكراني، وقال إنه سيكون شريكا جديا في التعامل مع روسيا وقد وجد في مقاربته بعض المنطق المعقول. وساهم لقاء النورمندي بين الرئيسين في إذابة الصقيع السيبيري الذي جمّد علاقات البلدين منذ أحداث شبه جزيرة القرم بداية العام، بدليل عودة السفير الروسي في كييف ميكاييل زورابوف، لأول مرة منذ نهاية فيفري الماضي الى منصبه. وقال هذا الاخير إن مقترح الرئيس الأوكراني للبدء في حوار سياسي يبقى أمرا مشجعا لأنه سيكون بداية اتصالات وعقد اجتماعات عمل خلال الأيام القادمة. وإذا سلمنا بايجابية المحادثات التي تمت بين بوتين وبوروشنكو، فإن ذلك لا يمنع من القول أن ذلك يبقى أمرا بروتوكوليا أملاه الموقف العام الذي صاحب احتفالية إنزال الحلفاء في النورمندي، وعلى اعتبار أن الواقع القائم في شرق أوكرانيا أعقد من أن يسوى في لقاء دام دقائق بالنظر الى عمق الخلافات التي غذّاها الصراع العرقي واللغوي وحتى الاستراتيجي بين القوى الكبرى. وهو ما عكسه تصريح الرئيس بوروشنكو، عندما تحدث بحرقة على شبه جزيرة القرم، وراح يؤكد أنها أرض أوكرانية ورفض كل حل وسط بشأنها مع روسيا، وقال بلغة الواثق من نفسه "إن القرم ستبقى أوكرانية". وأضاف "إنني أكدت على ذلك للرئيس الروسي في النورمندي". ولكن هل بإمكان أوكرانيا استعادة أرض فقدتها بعد عملية استفتاء شعبي عكست إرادة سكان هذه المنطقة الاستراتيجية التي كانت روسيا تنظر إليها على أنها بوابتها إلى المياه الدافئة في البحر الأسود، ومنها إلى البحر المتوسط الذي يعد في حسابات القوى الكبرى بمثابة قلب العالم. ويراهن الرئيس الأوكراني الجديد، على إعادة القرم إلى أحضان الدولة الأم وهو لم يحسم أمر جمهوريات أخرى قرر سكانها الانفصال والانضمام إلى روسيا. فقد راود حلم استعادة شبه جزيرة القرم الرئيس الاوكراني، والتوتر مازال سيد الموقف في دونتسك وسلافيانسك ولوغانسك، التي تمردت على السلطة المركزية في كييف وسكانها يرفضون كل سلطة مركزية عليهم. وهو ما يجعل من مسألة تحقيق الوحدة الترابية لما قبل أحداث شبه جزيرة القرم في فيفري الماضي، صعبة التحقيق إن لم نقل أنها دخلت خانة المستحيل لا لسبب إلا لكون كأس غيض الناطقين بالروسية في شرق أوكرانيا بلغ مداه، ولم يعد أي شيء يرضيهم سوى الانفصال، في وقت بلغت فيه درجة العداء والحقد المستوى الذي يستحيل معه إعادة الأمور إلى سابق سياقها.-